للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ شَاءَ لِأَجْلِ حَقِّهِ لَا لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ؛ وَلِذَا قُلْنَا: لَيْسَ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا أَنْ يُعِيدَ مَعَ الْوَلِيِّ لِأَنَّ تَكْرَارَهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ صَلَّى مَنْ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ كَقَاضٍ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ إمَامِ الْحَيِّ أَوْ مَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ وَتَابَعَهُ الْوَلِيُّ (لَا) يُعِيدُ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ مِنْهُ.

(وَإِنْ صَلَّى هُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ (بِحَقٍّ) بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ (لَا يُصَلِّي غَيْرُهُ بَعْدَهُ) وَإِنْ حَضَرَ مَنْ لَهُ التَّقَدُّمُ لِكَوْنِهَا بِحَقٍّ. أَمَّا لَوْ صَلَّى الْوَلِيُّ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ مَثَلًا أَعَادَ السُّلْطَانُ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَغَيْرِهِ وَفِيهِ حُكْمُ صَلَاةِ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَعَدَمِ الصَّلَاةِ أَصْلًا فَيُصَلِّي عَلَى قَبْرِهِ مَا لَمْ يَتَمَزَّقْ

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الْكَافِي مِنْ أَنَّ الْحَقَّ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَتَقْدِيمُ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ لِعَارِضٍ، وَأَنَّ دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ، وَنَظِيرُهُ الِابْنُ، فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُ ابْتِدَاءً، وَلَكِنَّهُ يُقَدِّمُ أَبَاهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ. وَأَمَّا تَأْيِيدُ صَاحِبِ الْبَحْرِ مَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ بِمَا فِي الْفَتَاوَى كَالْخُلَاصَةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة وَغَيْرِهِمَا، مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي أَوْ إمَامُ الْحَيِّ وَلَمْ يُتَابِعْهُ الْوَلِيُّ لَيْسَ لَهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى مِنْهُ اهـ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ أَوْلَى مِنْهُ أَنْ تَثْبُتَ لَهُمْ الْإِعَادَةُ إذَا صَلَّى بِحَضْرَتِهِمْ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَإِنْ تَرَكَ وَاجِبَ احْتِرَامِ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ.

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْهِدَايَةِ فَإِنْ صَلَّى غَيْرُ الْوَلِيِّ أَوْ السُّلْطَانِ أَعَادَ الْوَلِيُّ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَإِنْ صَلَّى الْوَلِيُّ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ، فَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ يَشْمَلُ السُّلْطَانَ. ثُمَّ رَأَيْت فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ مَا نَصُّهُ: هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ حَتَّى لَا تَجُوزَ الْإِعَادَةُ لَا لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِغَيْرِهِ. اهـ. وَمَا قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلِيِّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْوِلَايَةِ يُبْعِدُهُ عَطْفُ السُّلْطَانِ قَبْلَهُ عَلَى الْوَلِيِّ. وَنَقَلَ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّ لِلسُّلْطَانِ الْإِعَادَةَ إذَا صَلَّى الْوَلِيُّ بِحَضْرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ فِي الْمَنَافِعِ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ الْإِعَادَةُ، ثُمَّ أَيَّدَ رِوَايَةَ الْمَنَافِعِ فَرَاجِعْهُ، وَهَذَا عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ، فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ وَالسَّلَامُ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ إلَخْ) وَأَمَّا مَا فِي التَّقْوِيمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى غَيْرُ الْوَلِيِّ كَانَتْ الصَّلَاةُ بَاقِيَةً عَلَى الْوَلِيِّ فَضَعِيفٌ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَلِذَا إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ أَيْ فَإِنَّ الْفَرْضَ لَوْ لَمْ يَسْقُطْ بِالْأُولَى كَانَ لِمَنْ صَلَّى أَوَّلًا أَنْ يُعِيدَ مَعَ الْوَلِيِّ.

وَبِهَذَا رَدَّ فِي الْبَحْرِ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ الْأُولَى مَوْقُوفَةٌ، فَإِنْ أَعَادَ الْوَلِيُّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْفَرْضَ مَا صُلِّيَ وَإِلَّا سَقَطَ بِالْأُولَى، لَكِنْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: إنَّ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بِهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ عِنْدَنَا، وَلِذَلِكَ نَظِيرٌ وَهُوَ الْجُمُعَةُ مَعَ الظُّهْرِ لِمَنْ أَدَّاهُ قَبْلَهَا اهـ نَعَمْ يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ صَعْبٌ فَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ إعَادَةَ الْوَلِيِّ لَيْسَتْ نَفْلًا لِأَنَّ صَلَاةَ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَأَدَّى بِهَا الْفَرْضُ، وَهُوَ حَقُّ الْمَيِّتِ لَكِنَّهَا نَاقِصَةٌ لِبَقَاءِ حَقِّ الْوَلِيِّ فِيهَا، فَإِذَا أَعَادَهَا وَقَعَتْ فَرْضًا مُكَمِّلًا لِلْفَرْضِ الْأَوَّلِ نَظِيرَ إعَادَةِ الصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ بِكَرَاهَةٍ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي مَحَلِّهِ؛ وَحَيْثُ كَانَتْ الْأُولَى فَرْضًا فَلَيْسَ لِمَنْ صَلَّى أَوَّلًا أَنْ يُعِيدَ مَعَ الْوَلِيِّ لِأَنَّ إعَادَتَهُ تَكُونُ نَفْلًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بِخِلَافِ الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَشْرُوعٍ) أَيْ عِنْدَنَا. وَعِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالْأَدِلَّةُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ (قَوْلُهُ: أَوْ إمَامِ الْحَيِّ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَكَذَا صَرَّحَ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ بِأَنَّهُ كَالسُّلْطَانِ فِي عَدَمِ إعَادَةِ الْوَلِيِّ، وَبِهِ ظَهَرَ ضَعْفُ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْإِعَادَةَ لَوْ صَلَّى إمَامُ الْحَيِّ لَا لَوْ صَلَّى السُّلْطَانُ لِئَلَّا يَزْدَرِيَ بِهِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ أَوْلَى إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْضًا وَلِأَنَّ مُتَابَعَتَهُ إذْنٌ بِالصَّلَاةِ لِيَكُونَ عِلَّةً لِقَوْلِهِ أَوْ مَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ وَتَابَعَهُ الْوَلِيُّ ط (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَلِيِّ عِنْدَ حَضْرَةِ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَضَرَ) يَعْنِي بَعْدَ صَلَاةِ الْوَلِيِّ وَإِنْ وَصْلِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ صَلَّى إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا وَفَّقَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَيْنَ عِبَارَاتِهِمْ، قَدْ عَلِمْت تَحْرِيرَ الْمَقَامِ آنِفًا (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي الْمُجْتَبَى، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ عَزَاهَا إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ. لَكِنِّي لَمْ أَجِدْهَا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>