للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ دُفِنَ) وَأُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ (بِغَيْرِ صَلَاةٍ) أَوْ بِهَا بِلَا غُسْلٍ أَوْ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ (صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ) اسْتِحْسَانًا (مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَفَسُّخُهُ) مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ هُوَ الْأَصَحُّ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ شُكَّ فِي تَفَسُّخِهِ صُلِّيَ عَلَيْهِ، لَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا كَأَنَّهُ تَقْدِيمًا لِلْمَانِعِ (وَلَمْ تَجُزْ) الصَّلَاةُ (عَلَيْهَا رَاكِبًا) وَلَا قَاعِدًا (بِغَيْرِ عُذْرٍ) اسْتِحْسَانًا.

(وَكُرِهَتْ تَحْرِيمًا) وَقِيلَ (تَنْزِيهًا

ــ

[رد المحتار]

وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى هَكَذَا: ثُمَّ إذَا دُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَمَزَّقْ. اهـ.

وَالْمُرَادُ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْوَلِيُّ إنْ شَاءَ لِأَجْلِ حَقِّهِ لَا لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ، وَكَذَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ كَعَدَمِ الصَّلَاةِ كَمَا أَفَادَهُ ح بِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ كَالْعَدَمِ حَتَّى كَانَ لَهُ الْإِعَادَةُ.

(قَوْلُهُ وَأُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ) فَإِنْ لَمْ يُهَلْ أُخْرِجَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِهَا بِلَا غُسْلٍ) هَذَا رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّهَا بِلَا غُسْلٍ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، لَكِنْ فِي السِّرَاجِ وَغَيْرِهِ قِيلَ لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يُصَلَّى وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ لِأَنَّ الْأُولَى لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا لِتَرْكِ الشَّرْطِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالْآنَ زَالَ الْإِمْكَانُ فَسَقَطَتْ فَرْضِيَّةُ الْغُسْلِ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ الْأَوْلَى نَهْرٌ. [تَنْبِيهٌ]

يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ مَنْ دُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ مَنْ تَرَدَّى فِي نَحْوِ بِئْرٍ أَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ بُنْيَانٌ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَرِقَ فِي بَحْرٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُودِهِ أَمَامَ الْمُصَلِّي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ بِهَا الْعَائِدِ إلَى الصَّلَاةِ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُجْتَبَى (قَوْلُهُ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ) أَيْ افْتِرَاضًا فِي الْأُولَيَيْنِ وَجَوَازًا فِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّهَا لِحَقِّ الْوَلِيِّ أَفَادَهُ ح.

أَقُولُ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ كَمَا وَهَمَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي الْوَصْفِ وَهُوَ الْحُكْمُ، فَهُوَ كَإِطْلَاقِ الْإِنْسَانِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْأَبْيَضَ وَالْأَسْوَدَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ هُوَ الْأَصَحُّ) لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ حَرًّا وَبَرْدًا وَالْمَيِّتِ سِمَنًا وَهُزَالًا وَالْأَمْكِنَةِ بَحْرٌ، وَقِيلَ يُقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقِيلَ عَشَرَةٍ، وَقِيلَ شَهْرٍ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَغْلِبْ إلَخْ فَإِنَّهُ فِي الشَّكِّ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَفَسُّخُهُ ط (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ تَقْدِيمًا لِلْمَانِعِ) الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ: أَيْ كَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ تَقْدِيمًا: أَيْ أَنَّهُ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ التَّفَسُّخِ الْمُقْتَضِي عَدَمَ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ عَدَمِهِ الْمُوجِبِ لَهَا، فَاعْتَبَرْنَا الْمَانِعَ، وَهُوَ التَّفَسُّخُ ط

أَقُولُ: وَفِي الْحِلْيَةِ، نَصَّ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ مَعَ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ وَعَامَّةِ الْكُتُبِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الْجَوَازِ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ) رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَوْ صَلَّى رَاكِبًا لِتَعَذُّرِ النُّزُولِ لِطِينٍ أَوْ مَطَرٍ جَازَ. وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْوَلِيُّ قَاعِدًا لِمَرَضٍ، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: تُجْزِيهِ دُونَ الْقَوْمِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ بَحْرٌ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْوَلِيِّ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَلَوْ صَلَّى غَيْرُهُ مِمَّنْ لَا حَقَّ لَهُ إمَامًا قَاعِدًا لِعُذْرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ بِصَلَاتِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ أَفَادَهُ ط.

مَطْلَبٌ فِي كَرَاهَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَنْزِيهًا) رَجَّحَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ وَأَطَالَ؛ وَوَافَقَهُ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ، وَخَالَفَهُ تِلْمِيذُهُ الثَّانِي الْحَافِظُ الزَّيْنِيُّ قَاسِمٌ فِي فَتْوَاهُ بِرِسَالَةٍ خَاصَّةٍ، فَرَجَّحَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِإِطْلَاقِ الْمَنْعِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي مُوَطَّئِهِ: لَا يُصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي مَسْجِدٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ: النَّهْيُ عَنْهَا وَكَرَاهِيَتُهَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>