فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ هُوَ) أَيْ الْمَيِّتُ (فِيهِ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْقَوْمِ.
(وَاخْتُلِفَ فِي الْخَارِجَةِ) عَنْ الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ بَعْضِ الْقَوْمِ (وَالْمُخْتَارُ الْكَرَاهَةُ) مُطْلَقًا خُلَاصَةٌ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ إنَّمَا بُنِيَ لِلْمَكْتُوبَةِ، وَتَوَابِعُهَا كَنَافِلَةٍ وَذِكْرٍ وَتَدْرِيسِ عِلْمٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ
ــ
[رد المحتار]
أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا وَأَطَالَ، وَحَقَّقَ أَنَّ الْجَوَازَ كَانَ ثُمَّ نُسِخَ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ، وَانْتَصَرَ لَهُ أَيْضًا سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي رِسَالَةٍ سَمَّاهَا نُزْهَةَ الْوَاجِدِ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسَاجِدِ (قَوْلُهُ: فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ) أَيْ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَمَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ قُهُسْتَانِيٌّ. وَتُكْرَهُ أَيْضًا فِي الشَّارِعِ وَأَرْضُ النَّاسِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ، وَكَمَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ يُكْرَهُ إدْخَالُهَا فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْقَوْمِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَلْ فِي الْقَوْمِ جِنْسِيَّةٌ. اهـ. ح (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ. وَفِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ فِيهِ أَوْ خَارِجَهُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ إلَخْ) أَمَّا إذَا عَلَّلْنَا بِخَوْفِ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ فَلَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ بَعْضِ الْقَوْمِ اهـ ح. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَإِلَيْهِ مَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ.
قُلْت: بَلْ ذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْعِنَايَةِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا بِالِاتِّفَاقِ، لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْبَحْرِ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِحَمْلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَمَا مَرَّ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ دَاخِلَهُ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ فِيهِ خَفَاءٌ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ دُعَاءٌ وَذِكْرٌ وَهُمَا مِمَّا بُنِيَ لَهُ الْمَسْجِدُ وَإِلَّا لَزِمَ الْمَنْعُ عَنْ الدُّعَاءِ فِيهِ لِنَحْوِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ مَعَ أَنَّ الْوَارِدَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ فِي الْمَسْجِدِ ضَالَّةً فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا وَجَدْت، إنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ» فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ إلَخْ) كَذَا فِي الْفَتْحِ، لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَسْجِدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِصَلَّى أَوْ لِمَيِّتٍ أَوْ لَهُمَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُكْرَهُ كَوْنُ الْمَيِّتِ فِيهِ وَالصَّلَاةِ خَارِجَهُ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يُكْرَهُ الْعَكْسُ، وَعَلَى الثَّالِثِ لَا يُكْرَهُ إذَا فُقِدَ أَحَدُهُمَا، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُخْتَارِ مِنْ إطْلَاقِ الْكَرَاهَةِ. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ بِعَيْنِهِ قَالُوا بِالْكَرَاهَةِ بِوُجُودِ أَحَدِهَا أَيًّا كَانَ. اهـ.
أَقُولُ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْكَرَاهَةِ بِلَا دَلِيلٍ لِأَنَّهُ إذَا طَرَقَهُ الِاحْتِمَالُ سَقَطَ بِهِ الِاسْتِدْلَال، وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادِرَ لُغَةً وَعُرْفًا مِنْ نَحْوِ قَوْلِك ضَرَبْت زَيْدًا فِي الدَّارِ تَعَلُّقُ الظَّرْفِ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا أَنَّهُ هَلْ يَقْتَضِي كَوْنَ كُلٍّ مِنْ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فِي الْمَكَانِ فَغَيْرُ لَازِمٍ. مَطْلَبٌ مُهِمٌّ
إذَا قَالَ: إنْ شَتَمْت فُلَانًا فِي الْمَسْجِدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الشَّاتِمِ فِيهِ، وَفِي إنْ قَتَلْته بِالْعَكْسِ نَعَمْ ذَكَرَ ضَابِطًا لِذَلِكَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْحِنْثِ فِي الشَّتْمِ، وَهُوَ أَنَّ الْفِعْلَ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ أَثَرٌ فِي الْمَفْعُولِ كَالْعِلْمِ وَالذِّكْرِ، وَقَدْ يَكُونُ كَالضَّرْبِ وَالْقَتْلِ، فَإِذَا قَالَ: إنْ شَتَمْت زَيْدًا فِي الْمَسْجِدِ مَثَلًا فَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِكَوْنِ الشَّاتِمِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْتُومُ فِيهِ أَيْضًا أَوْ لَا لِأَنَّ الشَّتْمَ هُوَ ذِكْرُ الْمَشْتُومِ بِسُوءٍ وَالذَّاكِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute