وَيُلْقِيهِ فِي حُفْرَةٍ وَلَيْسَ لِلْكَافِرِ غُسْلُ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ:
(وَإِذَا حَمَلَ الْجِنَازَةَ وَضَعَ) نَدْبًا (مُقَدِّمَهَا) بِكَسْرِ الدَّالِ وَتُفْتَحُ وَكَذَا الْمُؤَخَّرُ (عَلَى يَمِينِهِ) عَشْرَ خُطُوَاتٍ لِحَدِيثِ «مَنْ حَمَلَ جِنَازَةً أَرْبَعِينَ خُطْوَةً كَفَّرَتْ عَنْهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً» (ثُمَّ) وَضَعَ (مُؤَخِّرَهَا) عَلَى يَمِينِهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ مُقَدِّمَهَا عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ مُؤَخِّرَهَا كَذَلِكَ، فَيَقَعُ الْفَرَاغُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ فَيَمْشِي خَلْفَهَا؛ وَصَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» وَيُكْرَهُ عِنْدَنَا حَمْلُهُ بَيْنَ عَمُودِيِّ السَّرِيرِ بَلْ يَرْفَعُ كُلُّ رَجُلٍ قَائِمَةً بِالْيَدِ لَا عَلَى الْعُنُقِ كَالْأَمْتِعَةِ، وَلِذَا كُرِهَ حَمْلُهُ عَلَى ظَهْرٍ وَدَابَّةٍ
(وَالصَّبِيُّ الرَّضِيعُ أَوْ الْفَطِيمُ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا يَحْمِلُهُ وَاحِدٌ عَلَى يَدَيْهِ) وَلَوْ رَاكِبًا (وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا حُمِلَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَيُسْرَعُ بِهَا بِلَا خَبَبٍ) أَيْ عَدْوٍ سَرِيعٍ
ــ
[رد المحتار]
كَمَا أَفَادَهُ بِالتَّفْرِيعِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْكَافِرِ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِ قَرِيبٌ مُسْلِمٌ فَيَتَوَلَّى تَجْهِيزَهُ الْمُسْلِمُونَ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْكَافِرُ فِي قَبْرِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ لِيَدْفِنَهُ بَحْرٌ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ بَيْنَ نِسَاءٍ مَعَهُنَّ كَافِرٌ يُعَلِّمْنَهُ الْغُسْلَ ثُمَّ يُصَلِّينَ عَلَيْهِ، فَتَغْسِيلُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ تَجْهِيزِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ عَدَمِهَا خِلَافًا لِلزَّيْلَعِيِّ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.
مَطْلَبٌ فِي حَمْلِ الْمَيِّتِ
(قَوْلُهُ وَإِذَا حَمَلَ الْجِنَازَةَ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ حَمْلِهَا، وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى الصَّلَاةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَدَائِعِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ نَدْبًا) لِأَنَّ فِيهِ إيثَارًا لِلْيَمِينِ وَالْمُقَدَّمِ عَلَى الْيَسَارِ وَالْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الدَّالِ وَتُفْتَحُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَسْرَ أَفْصَحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْغَايَةِ، لَكِنَّ الْكَسْرَ مَعَ التَّخْفِيفِ وَالْفَتْحَ مَعَ التَّشْدِيدِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، حَيْثُ قَالَ مُقَدَّمُ الرِّجْلِ كَمُحَسَّنٍ وَمُعَظَّمٍ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ مَنْ حَمَلَ إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ ثُمَّ مُقَدَّمُهَا ثُمَّ مُؤَخَّرُهَا ط وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْمِلَهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَرْبَعِينَ خُطْوَةً لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّارُ (قَوْلُهُ كَفَّرَتْ عَنْهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً) بِبِنَاءِ كَفَّرَتْ لِلْفَاعِلِ، وَضَمِيرُهُ لِلْجِنَازَةِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ حَمْلُهَا، وَالْكَبِيرَةُ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى الصَّغِيرَةِ لِأَنَّ كُلَّ ذَنْبٍ صَغِيرٌ بِالنَّظَرِ لِمَا فَوْقَهُ، كَبِيرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَحْتَهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِالْكَبِيرَةِ حَقِيقَتُهَا، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْكَبَائِرَ لَا تُكَفَّرُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ أَوْ بِمَحْضِ الْفَضْلِ أَوْ بِالْحَجِّ الْمَبْرُورِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَمْ يَرِدْ النَّصُّ فِيهِ ط وَسَيَأْتِي تَمَامُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ عَشْرَ خُطُوَاتٍ، وَهِيَ مَعْنَى كَذَلِكَ الثَّانِيَةِ، وَيَمِينُ الْحَامِلِ يَمِينُ الْمَيِّتِ، وَيَسَارُ الْجِنَازَةِ، وَيَسَارُهُ يَسَارُهُ وَيَمِينُ الْجِنَازَةِ قُهُسْتَانِيٌّ ط (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ عِنْدَنَا إلَخْ) لِأَنَّ السُّنَّةَ التَّرْبِيعُ بَحْرٌ، وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ إنْ ثَبَتَ فَلِعَارِضٍ كَضِيقِ الْمَكَانِ أَوْ كَثْرَةِ النَّاسِ أَوْ قِلَّةِ الْحَامِلِينَ كَمَا بَسَطَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ قَائِمَةً) أَيْ مِنْ قَوَائِمِ السَّرِيرِ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ بِالْيَدِ) أَيْ ثُمَّ يَضَعُ عَلَى الْعُنُقِ، وَقَوْلُهُ: لَا عَلَى الْعُنُقِ: أَيْ ابْتِدَاءً كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا. اهـ. ح. وَفِي الْحِلْيَةِ أَوْ يَرْفَعُونَهُ أَخْذًا بِالْيَدِ لَا وَضْعًا عَلَى الْعُنُقِ كَمَا تُحْمَلُ الْأَثْقَالُ، ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اهـ وَالْمُرَادُ بِالْعُنُقِ الْكَتِفُ كَمَا قَالَ ط (قَالَ وَلِذَا إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ أَنَّ حَمْلَهُ كَالْأَمْتِعَةِ مَكْرُوهٌ ط
(قَوْلُهُ: يَحْمِلُهُ وَاحِدٌ عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ وَيَتَدَاوَلُهُ النَّاسُ بِالْحَمْلِ عَلَى أَيْدِيهِمْ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَيُسْرِعُ بِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَضَعَ مُقَدَّمَهَا (قَوْلُهُ بِلَا خَبَبٍ) بِمُعْجَمَةِ مَفْتُوحَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute