وَلَوْ بِهِ كُرِهَ
(وَكُرِهَ تَأْخِيرُ صَلَاتِهِ وَدَفْنِهِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَمْعٌ عَظِيمٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِسَبَبِ دَفْنِهِ قُنْيَةٌ (كَمَا كُرِهَ) لِمُتَّبِعِهَا (جُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا) وَقِيَامٌ بَعْدَهُ (وَلَا يَقُومُ مَنْ فِي الْمُصَلَّى لَهَا إذَا رَآهَا) قَبْلَ وَضْعِهَا وَلَا مَنْ مَرَّتْ عَلَيْهِ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَمَا وَرَدَ فِيهِ مَنْسُوخٌ زَيْلَعِيٌّ
(وَنُدِبَ الْمَشْيُ خَلْفَهَا) لِأَنَّهَا مَتْبُوعَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَلْفَهَا نِسَاءٌ فَالْمَشْيُ أَمَامَهَا أَحْسَنُ اخْتِيَارٌ. وَيُكْرَهُ خُرُوجُهُنَّ تَحْرِيمًا، وَتُزْجَرُ النَّائِحَةُ، وَلَا يُتْرَكُ اتِّبَاعُهَا لِأَجْلِهَا،
ــ
[رد المحتار]
وَحَدُّ التَّعْجِيلِ الْمَسْنُونِ أَنْ يُسْرِعَ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَضْطَرِبُ الْمَيِّتُ عَلَى الْجِنَازَةِ لِلْحَدِيثِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَدَّمْتُمُوهَا إلَى الْخَيْرِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعَجِّلَ بِتَجْهِيزِهِ كُلِّهِ مِنْ حِينِ يَمُوتُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِهِ كُرِهَ) لِأَنَّهُ ازْدِرَاءٌ بِالْمَيِّتِ وَإِضْرَارٌ بِالْمُتَّبِعِينَ بَحْرٌ
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا خِيفَ إلَخْ) فَيُؤَخَّرُ الدَّفْنُ وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَالْجِنَازَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ وَالْقِيَاسُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعِيدِ، لَكِنَّهُ قُدِّمَ مَخَافَةَ التَّشْوِيشِ، وَكَيْ لَا يَظُنَّهَا مَنْ فِي أُخْرَيَاتِ الصُّفُوفِ أَنَّهَا صَلَاةُ الْعِيدِ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ. وَمُفَادُهُ تَقْدِيمُ الْجُمُعَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ، بَلْ الْفَتْوَى عَلَى تَقْدِيمِ سُنَّتِهَا عَلَيْهَا، وَمَرَّ تَمَامُهُ فِي أَوَّلِ بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ: جُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا) لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ كَمَا فِي السِّرَاجِ نَهْرٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيَامٌ بَعْدَهُ) أَيْ يُكْرَهُ الْقِيَامُ بَعْدَ وَضْعِهَا عَنْ الْأَعْنَاقِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْعِنَايَةِ. وَفِي الْمُحِيطِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَجْلِسُوا حَتَّى يُسَوُّوا عَلَيْهِ التُّرَابَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِمَا فِي الْبَدَائِعِ: لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ بَعْدَ الْوَضْعِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَجْلِسُ حَتَّى يُوضَعَ الْمَيِّتُ فِي اللَّحْدِ، فَكَانَ قَائِمًا مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَى رَأْسِ قَبْرٍ فَقَالَ يَهُودِيٌّ: هَكَذَا نَصْنَعُ بِمَوْتَانَا، فَجَلَسَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: خَالِفُوهُمْ» أَيْ فِي الْقِيَامِ، فَلِذَا كُرِهَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَا وَرَدَ فِيهِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ» . اهـ. ح قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ: أَيْ تَصِيرُونَ وَرَاءَهَا غَائِبِينَ عَنْهَا. اهـ. مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ مَنْسُوخٌ) أَيْ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَعَدَ» وَلِمُسْلِمٍ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ " قَدْ كَانَ ثُمَّ نُسِخَ " شَرْحُ الْمُنْيَةِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَتْبُوعَةٌ) يُشِيرُ إلَى مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ» قَالَ عَلِيٌّ: الْإِتْبَاعُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى التَّالِي، وَلَا يُسَمَّى الْمُقَدَّمُ تَابِعًا بَلْ هُوَ مَتْبُوعٌ، وَالْأَمْرُ لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ لِلْإِجْمَاعِ. وَعَنْ عَلِيٍّ: قَدِّمْهَا بَيْنَ يَدَيْك وَاجْعَلْهَا نُصْبَ عَيْنَيْك، فَإِنَّمَا هِيَ مَوْعِظَةٌ وَتَذْكِرَةٌ وَعِبْرَةٌ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَلْفَهَا نِسَاءٌ) الظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا خَشِيَ الِاخْتِلَاطَ مَعَهُنَّ أَوْ كَانَ فِيهِنَّ نَائِحَةٌ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ خُرُوجُهُنَّ تَحْرِيمًا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، لَكِنْ يُعَضِّدُهُ الْمَعْنَى الْحَادِثُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ الَّذِي أَشَارَتْ إلَيْهِ عَائِشَةُ بِقَوْلِهَا: لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَهَذَا فِي نِسَاءِ زَمَانِهَا، فَمَا ظَنُّك بِنِسَاءِ زَمَانِنَا. وَأَمَّا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْنَا» أَيْ أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ بِذَلِكَ الزَّمَنِ حَيْثُ كَانَ يُبَاحُ لَهُنَّ الْخُرُوجُ لِلْمَسَاجِدِ وَالْأَعْيَادِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَتُزْجَرُ النَّائِحَةُ) وَكَذَا الصَّائِحَةُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُتْرَكُ اتِّبَاعُهَا لِأَجْلِهَا) أَيْ لِأَجْلِ النَّائِحَةِ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تُتْرَكُ بِمَا اقْتَرَنَ بِهَا مِنْ الْبِدْعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute