للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ) بَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ (إلَّا) لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَ (أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَغْصُوبَةً أَوْ أُخِذَتْ بِشُفْعَةٍ) وَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ إخْرَاجِهِ وَمُسَاوَاتِهِ بِالْأَرْضِ كَمَا جَازَ زَرْعُهُ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ إذَا بَلِيَ وَصَارَ تُرَابًا زَيْلَعِيٌّ.

(حَامِلٌ مَاتَتْ وَوَلَدُهَا حَيٌّ) يَضْطَرِبُ (شُقَّ بَطْنُهَا) مِنْ الْأَيْسَرِ (وَيُخْرَجُ وَلَدُهَا) وَلَوْ بِالْعَكْسِ وَخِيفَ عَلَى الْأُمِّ قُطِعَ وَأُخْرِجَ وَلَوْ مَيِّتًا وَإِلَّا لَا كَمَا فِي كَرَاهَةِ الِاخْتِيَارِ. وَلَوْ بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ وَمَاتَ هَلْ يُشَقُّ قَوْلَانِ، وَالْأَوْلَى نَعَمْ فَتْحٌ.

ــ

[رد المحتار]

وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ مَكْتُوبٌ عَلَى قُبُورِهِمْ، وَهُوَ عَمَلٌ أَخَذَ بِهِ الْخَلَفُ عَنْ السَّلَفِ اهـ وَيَتَقَوَّى بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَ حَجَرًا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَقَالَ: أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ تَابَ مِنْ أَهْلِي» فَإِنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ إلَى تَعَرُّفِ الْقَبْرِ بِهَا، نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْإِجْمَاعِ الْعَمَلِيِّ عَلَى الرُّخْصَةِ فِيهَا مَا إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى الْكِتَابَةِ، حَتَّى لَا يَذْهَبَ الْأَثَرُ وَلَا يُمْتَهَنَ فَلَا بَأْسَ بِهِ. فَأَمَّا الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا اهـ حَتَّى إنَّهُ يُكْرَهُ كِتَابَةُ شَيْءٍ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ الشِّعْرِ أَوْ إطْرَاءِ مَدْحٍ لَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ حِلْيَةٌ مُلَخَّصًا.

قُلْت: لَكِنْ نَازَعَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّة فِي هَذَا الْإِجْمَاعِ بِأَنَّهُ أَكْثَرِيٌّ، وَإِنْ سَلِمَ فَمَحَلُّ حُجِّيَّتِهِ عِنْدَ صَلَاحِ الْأَزْمِنَةِ بِحَيْثُ يَنْفُذُ فِيهَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ تَعَطَّلَ ذَلِكَ مُنْذُ أَزْمِنَةٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى قُبُورِهِمْ فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ أَكْثَرُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَقَدْ عَلِمُوا بِالنَّهْيِ عَنْهُ فَكَذَا الْكِتَابَةُ اهـ فَالْأَحْسَنُ التَّمَسُّكُ بِمَا يُفِيدُ حَمْلَ النَّهْيِ عَلَى عَدَمِ الْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ.

[تَتِمَّةٌ]

فِي الْأَحْكَامِ عَنْ الْحُجَّةِ: تُكْرَهُ السُّتُورُ عَلَى الْقُبُورِ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا لِحَقِّ آدَمِيٍّ) احْتِرَازٌ عَنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا إذَا دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ وُضِعَ عَلَى غَيْرِ يَمِينِهِ أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ لَا يُنْبَشُ عَلَيْهِ بَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَأَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَغْصُوبَةً) وَكَمَا إذَا سَقَطَ فِي الْقَبْرِ مَتَاعٌ أَوْ كُفِّنَ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ دُفِنَ مَعَهُ مَالٌ قَالُوا: وَلَوْ كَانَ الْمَالُ دِرْهَمًا بَحْرٌ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى: امْرَأَةٌ دَفَنَتْ مَعَ بِنْتِهَا مِنْ الْمَصَاغِ وَالْأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إرْثًا عَنْهَا بِغَيْبَةِ الزَّوْجِ أَنَّهُ يُنْبَشُ لِحَقِّهِ، وَإِذَا تَلِفَتْ بِهِ تَضْمَنُ الْمَرْأَةُ حِصَّتَهُ اهـ وَاحْتُرِزَ بِالْمَغْصُوبَةِ عَمَّا إذَا كَانَتْ وَقْفًا. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: أَنْفَقَ مَالًا فِي إصْلَاحِ قَبْرٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَدَفَنَ فِيهِ مَيِّتَهُ، وَكَانَتْ الْأَرْضُ مَوْقُوفَةً يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فِيهِ، وَلَا يُحَوَّلُ مَيِّتُهُ مِنْ مَكَانِهِ لِأَنَّهُ دُفِنَ فِي وَقْفٍ اهـ. وَعَبَّرَ فِي الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَفْرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ أُخِذَتْ بِشُفْعَةٍ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فَدَفَنَ فِيهَا مَيِّتَهُ ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالشِّرَاءِ فَتَمَلَّكَهَا بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَمُسَاوَاتُهُ بِالْأَرْضِ) أَيْ لِيُزْرَعَ فَوْقَهُ مَثَلًا لِأَنَّ حَقَّهُ فِي بَاطِنِهَا وَظَاهِرِهَا، فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ حَقَّهُ فِي بَاطِنِهَا وَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَاهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: كَمَا جَازَ زَرْعُهُ) أَيْ الْقَبْرِ وَلَوْ غَيْرَ مَغْصُوبٍ وَكَذَا يَجُوزُ دَفْنُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَيْضًا، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ مِنْ الْأَيْسَرِ) كَذَا قَيَّدَهُ فِي الدُّرَرِ، وَلْيُنْظَرْ وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا وَهِيَ حَيَّةٌ (قَوْلُهُ قُطِعَ) أَيْ بِأَنْ تُدْخِلَ الْقَابِلَةُ يَدَهَا فِي الْفَرْجِ وَتَقْطَعَهُ بِآلَةٍ فِي يَدِهَا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ مَيِّتًا) لَا وَجْهَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ بِالْعَكْسِ ط (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ حَيًّا لَا يَجُوزُ تَقْطِيعُهُ لِأَنَّ مَوْتَ الْأُمِّ بِهِ مَوْهُومٌ، فَلَا يَجُوزُ قَتْلُ آدَمِيٍّ حَيٍّ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَا مَالَ لَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ مَالًا يَضْمَنُ مَا بَلَعَهُ لَا يُشَقُّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى نَعَمْ) لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حُرْمَةُ الْآدَمِيِّ أَعْلَى مِنْ صِيَانَةِ الْمَالِ لَكِنَّهُ أَزَالَ احْتِرَامَهُ بِتَعَدِّيهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ فِي جَوْفِهِ بِلَا تَعَدٍّ لَا يُشَقُّ اتِّفَاقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>