مَرَّةً ثُمَّ وَهَبَ أَجْرَهَا لِلْأَمْوَاتِ أُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ» ،
ــ
[رد المحتار]
«مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ سُورَةَ يس خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ فِيهَا حَسَنَاتٌ» بَحْرٌ. وَفِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَيَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَأَوَّلِ الْبَقَرَةِ إلَى الْمُفْلِحُونَ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ - وَآمَنَ الرَّسُولُ - وَسُورَةِ يس وَتَبَارَكَ الْمُلْكُ وَسُورَةِ التَّكَاثُرِ وَالْإِخْلَاصِ اثْنَيْ عَشَرَ مَرَّةً أَوْ إحْدَى عَشَرَ أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْنَاهُ إلَى فُلَانٍ أَوْ إلَيْهِمْ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ وَإِهْدَاءُ ثَوَابِهَا لَهُ [تَنْبِيهٌ]
صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ بِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ صَدَقَةً أَوْ غَيْرَهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، بَلْ فِي زَكَاةِ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ: الْأَفْضَلُ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ نَفْلًا أَنْ يَنْوِيَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ لِأَنَّهَا تَصِلُ إلَيْهِمْ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ اهـ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، لَكِنْ اسْتَثْنَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةَ الْمَحْضَةَ كَالصَّلَاةِ وَالتِّلَاوَةِ فَلَا يَصِلُ ثَوَابُهَا إلَى الْمَيِّتِ عِنْدَهُمَا، بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ. وَخَالَفَ الْمُعْتَزِلَةُ فِي الْكُلِّ، وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
أَقُولُ: مَا مَرَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ. وَاَلَّذِي حَرَّرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وُصُولُ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ إذَا كَانَتْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ دَعَا لَهُ عَقِبَهَا وَلَوْ غَائِبًا لِأَنَّ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ تَنَزُّلُ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ، وَالدُّعَاءُ عَقِبَهَا أَرْجَى لِلْقَبُولِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ انْتِفَاعُ الْمَيِّتِ بِالْقِرَاءَةِ لَا حُصُولُ ثَوَابِهَا لَهُ، وَلِهَذَا اخْتَارُوا فِي الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ أَوْصِلْ مِثْلَ ثَوَابِ مَا قَرَأْته إلَى فُلَانٍ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالْوَاصِلُ إلَيْهِ نَفْسُ الثَّوَابِ. وَفِي الْبَحْرِ: مَنْ صَامَ أَوْ صَلَّى أَوْ تَصَدَّقَ وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَاتِ وَالْأَحْيَاءِ جَازَ، وَيَصِلُ ثَوَابُهَا إلَيْهِمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، ثُمَّ قَالَ: وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَجْعُولُ لَهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ عِنْدَ الْفِعْلِ لِلْغَيْرِ أَوْ يَفْعَلَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَجْعَلُ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ، لِإِطْلَاقِ كَلَامِهِمْ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ. اهـ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى: وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ فِي الْفَرَائِضِ اهـ.
وَفِي كِتَابِ الرُّوحِ لِلْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيِّ الْحَنْبَلِيِّ الشَّهِيرِ بِابْنِ قَيِّمٍ الْجَوْزِيَّةِ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي إهْدَاءِ الثَّوَابِ إلَى الْحَيِّ؛ فَقِيلَ يَصِحُّ لِإِطْلَاقِ قَوْلِ أَحْمَدَ: يَفْعَلُ الْخَيْرَ وَيَجْعَلُ نِصْفَهُ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ، وَقِيلَ لَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ؛ وَكَذَا اُخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْفِعْلِ، فَقِيلَ: لَا لَكِنَّ الثَّوَابَ لَهُ فَلَهُ التَّبَرُّعُ بِهِ وَإِهْدَاؤُهُ لِمَنْ أَرَادَ كَإِهْدَاءِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، وَقِيلَ نَعَمْ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ لَهُ لَا يُقْبَلُ انْتِقَالُهُ عَنْهُ، وَهُوَ الْأَوْلَى. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ إهْدَاءُ الْوَاجِبَاتِ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَنْوِي الْقُرْبَةَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ. وَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ، وَتُجْزِئُ عَنْ الْفَاعِلِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ جَعَلُوا ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا: نَلْقَى اللَّهَ - تَعَالَى - بِالْفَقْرِ وَالْإِفْلَاسِ، وَالشَّرِيعَةُ لَا تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُصُولِ أَنْ يُهْدِيَهُ بِلَفْظِهِ كَمَا لَوْ أَعْطَى فَقِيرًا بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَمْ تَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ وَنَحْوِهِ، نَعَمْ إذَا فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ نَوَى جَعْلَ ثَوَابِهِ لِغَيْرِهِ لَمْ يَكْفِ كَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يَهَبَ أَوْ يُعْتِقَ أَوْ يَتَصَدَّقَ وَيَصِحُّ إهْدَاءُ نِصْفِ الثَّوَابِ أَوْ رُبُعِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ. وَيُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ أَهْدَى الْكُلَّ إلَى أَرْبَعَةٍ يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ رُبُعُهُ فَكَذَا لَوْ أَهْدَى الرُّبُعَ لِوَاحِدٍ وَأَبْقَى الْبَاقِيَ لِنَفْسِهِ اهـ مُلَخَّصًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute