أَيْ يُغَسَّلُ وَكَذَا بِتَعْزِيرٍ أَوْ افْتِرَاسِ سَبُعٍ
(أَوْ جُرِحَ وَارْتُثَّ) وَذَلِكَ (بِأَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَوْ تَدَاوَى) وَلَوْ قَلِيلًا (أَوْ أَوَى خَيْمَةً أَوْ مَضَى عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ وَهُوَ يَعْقِلُ) وَيَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا (أَوْ نُقِلَ مِنْ مَعْرَكَةٍ) وَهُوَ يَعْقِلُ، سَوَاءٌ وَصَلَ حَيًّا أَوْ مَاتَ عَلَى الْأَيْدِي وَكَذَا لَوْ قَامَ مِنْ مَكَانِهِ إلَى مَكَان آخَرَ بَدَائِعُ (لَا لِخَوْفِ وَطْءِ الْخَيْلِ أَوْ أَوْصَى بِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَإِنْ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ لَا) يَصِيرُ مُرْتَثًّا (عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ) جَوْهَرَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَمْوَاتِ (أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ)
ــ
[رد المحتار]
وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَهُ هُنَاكَ بِمَا ذُكِرَ هُنَا فَلِذَا أَكَّدَ فِي التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُغَسَّلُ) أَفَادَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى صِلَةِ مَنْ فِي قَوْلِهِ: وَيُغَسَّلُ مَنْ وُجِدَ إلَخْ لِأَنَّ هَذَا الْقَتْلَ لَيْسَ بِظُلْمٍ وَهُوَ الْمَنَاطُ إسْمَاعِيلُ
(قَوْلُهُ أَوْ جُرِحَ) فِعْلُ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قُتِلَ، وَقَوْلُهُ وَارْتُثَّ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ حُمِلَ مِنْ الْمَعْرَكَةِ رَثِيثًا: أَيْ جَرِيحًا. وَفِي النِّهَايَةِ: الرَّثُّ الْبَالِي الْخَلَقُ: أَيْ صَارَ خَلَقًا فِي الشَّهَادَةِ، وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ مَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ أَكَلَ إلَخْ نَهْرٌ: لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ رِفْقٌ مِنْ مَرَافِقِ الْحَيَاةِ فَلَمْ تَبْقَ شَهَادَتُهُ عَلَى جِدَّتِهَا وَهَيْئَتِهَا الَّتِي كَانَتْ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ الَّذِينَ هُمْ الْأَصْلُ فِي حُكْمِهِ، لِأَنَّ تَرْكَ الْغُسْلِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ الْمَشْرُوعِ فِي حَقِّ سَائِرِ أَمْوَاتِ بَنِي آدَمَ فَيُرَاعَى فِيهِ جَمِيعُ الصِّفَاتِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلِيلًا) يَرْجِعُ إلَى الْأَرْبَعَةِ قَبْلَهُ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ ط (قَوْلُهُ: أَوْ أَوَى خَيْمَةً) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ يَتَعَدَّى بِإِلَى. وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ تَعْدِيَتَهُ بِنَفْسِهِ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إنَّهَا لُغَةٌ فَصِيحَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ، أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا إذَا ضُرِبَتْ عَلَيْهِ خَيْمَةٌ، وَهُوَ فِي مَكَانِهِ، وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ النَّقْلِ مِنْ الْمَعْرَكَةِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَعْقِلُ) فَلَوْ لَمْ يَعْقِلْ لَا يُغَسَّلُ وَإِنْ زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (قَوْلُهُ وَيَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا) كَذَا قَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِتَرْكِهَا فَيَكُونَ بِذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا كَمَا فِي الدُّرَرِ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ نُقِلَ مِنْ الْمَعْرَكَةِ) أَوْ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي جُرِحَ فِيهِ كَمَا فِي الْيَنَابِيعِ إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إلَخْ) أَيْ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ لَا لِخَوْفِ وَطْءِ الْخَيْلِ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ نُقِلَ مِنْ الْمَعْرَكَةِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ النَّقْلُ مُنَافِيًا لِلشَّهَادَةِ، وَهَذَا الْقَيْدُ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ وَالْكَافِي وَالْمَنْبَعِ وَابْنِ مَلَكٍ وَغُرَرِ الْأَذْكَارِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهَا إسْمَاعِيلُ وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْبَدَائِعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ مَا نَالَ شَيْئًا مِنْ رَاحَةِ الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ؛ فَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إنَّهُ يَكُونُ مُرْتَثًّا فِيمَا إذَا أَوْصَى بِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ بِعَدَمِهِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِأُمُورِ الْآخِرَةِ كَمَا فِي وَصِيَّةِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّهْرِ. وَذَكَرَ ط وَصِيَّةَ سَعْدٍ عَنْ سِيرَةِ الشَّامِيِّ حَاصِلُهَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ إلَيْهِ مَنْ يَنْظُرُ فَقَالَ: إنِّي فِي الْأَمْوَاتِ، فَأَبْلِغْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: إنَّ سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ يَقُولُ: جَزَاك اللَّهُ عَنَّا خَيْرًا مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ، وَقُلْ لَهُ إنِّي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَأَبْلِغْ قَوْمَك عَنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُمْ إنَّ سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ يَقُولُ لَكُمْ: إنَّهُ لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ إنْ خُلِصَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكْرُوهٌ وَفِيكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، ثُمَّ لَمْ يَبْرَحْ أَنْ مَاتَ» (قَوْلُهُ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى كَلَامٍ لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ تَوْفِيقًا بَيْنَهُمَا، لَكِنْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ أَنَّهُ لَوْ أَكْثَرَ كَلَامَهُ فِي الْوَصِيَّةِ غُسِّلَ لِأَنَّهَا إذَا طَالَتْ أَشْبَهَتْ أُمُورَ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ.
قُلْت: يُمْكِنُ حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الرَّازِيّ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِأُمُورِ الدُّنْيَا بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ وَصِيَّةِ سَعْدٍ، فَإِنَّ فِيهَا كَلَامًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute