للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَيْنِهِ أَوْ مِنْ أُذُنِهِ أَوْ حَلْقِهِ صَافِيًا، لَا مِنْ أَنْفِهِ أَوْ ذَكَرِهِ أَوْ دُبُرِهِ أَوْ حَلْقِهِ جَامِدًا

(فَيُنْزَعُ عَنْهُ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْكَفَنِ، وَيُزَادُ) إنْ نَقَصَ مَا عَلَيْهِ عَنْ كَفَنِ السُّنَّةِ (وَيُنْقَصُ) إنْ زَادَ (لِ) أَجْلِ أَنْ (يَتِمَّ كَفَنُهُ) الْمَسْنُونُ (وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِلَا غُسْلٍ وَيُدْفَنُ بِدَمِهِ وَثِيَابِهِ) لِحَدِيثِ «زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ»

(وَيُغَسَّلُ مَنْ وُجِدَ قَتِيلًا فِي مِصْرٍ) أَوْ قَرْيَةٍ (فِيمَا) أَيْ فِي مَوْضِعٍ (يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ) وَلَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَالْمَقْتُولِ فِي جَامِعٍ أَوْ شَارِعٍ (وَلَمْ يُعْلَمْ قَاتِلُهُ) أَوْ عُلِمَ وَلَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ، فَإِنْ وَجَبَ كَانَ شَهِيدًا كَمَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ لَيْلًا فِي الْمِصْرِ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ فِيهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ قَاتِلَهُ اللُّصُوصُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ عَيْنَهُ لَمْ تُعْلَمْ فَلْيُحْفَظْ، فَإِنَّ النَّاسَ عَنْهُ غَافِلُونَ (أَوْ قُتِلَ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ)

ــ

[رد المحتار]

الدَّمُ؛ وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ، فَإِنْ نَزَلَ مِنْ رَأْسِهِ لَمْ يَكُنْ شَهِيدًا، وَإِنْ كَانَ يَعْلُو مِنْ جَوْفِهِ كَانَ شَهِيدًا لِأَنَّهُ لَا يَصْعَدُ إلَّا لِجُرْحٍ فِي الْبَاطِنِ وَإِنَّمَا يُمَيَّزُ بَيْنَهُمَا بِلَوْنِ الدَّمِ بَدَائِعُ؛ فَالنَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ صَافٍ، وَالصَّاعِدُ مِنْ الْجَوْفِ عَلَقٌ جَوْهَرَةٌ وَفَتْحٌ وَالْعَلَقُ: الْجَامِدُ. وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الْمُرْتَقِي مِنْ الْجَوْفِ قَدْ يَكُونُ رَقِيقًا مِنْ قُرْحَةٍ فِي الْجَوْفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ فَلَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ مِنْ جِرَاحَةٍ حَادِثَةٍ بَلْ هُوَ أَحَدُ الْمُحْتَمَلَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ صَافِيًا) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ حَلْقِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي جَامِدًا، وَفِيهِ قَلْبٌ. وَالصَّوَابُ ذِكْرُ جَامِدًا فِي الْأَوَّلِ وَصَافِيًا فِي الثَّانِي كَمَا عُلِمَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ آنِفًا

(قَوْلُهُ فَيُنْزَعُ عَنْهُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي أَحْكَامِهِ، وَالْمُرَادُ بِمَا لَا يَصْلُحُ لِلْكَفَنِ مِثْلُ الْفَرْوِ وَالْحَشْوِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْخُفِّ وَالسِّلَاحِ وَالدِّرْعِ لَا السَّرَاوِيلِ فَلَا يُنْزَعُ فِي الْأَشْبَهِ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْهِنْدُوَانِيُّ وَكَذَا لَا يُنْزَعُ الْفَرْوُ وَالْحَشْوُ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: وَيُزَادُ إنْ نَقَصَ) فِي الْمُحِيطِ: قِيلَ إنَّ قَوْلَهُمْ يُزَادُ وَيَنْقُصُ، مَعْنَاهُ يُزَادُ ثَوْبٌ جَدِيدٌ تَكْرِيمًا، وَيَنْقُصُ مَا شَاءُوا، وَإِنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ يَبْلُغُ السُّنَّةَ. وَقِيلَ يُزَادُ إذَا قَلَّ وَيَنْقُصُ إذَا كَثُرَ حَتَّى يَبْلُغَ السُّنَّةَ، وَهَذَا أَنْسَبُ مِنْ قَوْلِهِ لِيَتِمَّ كَفَنُهُ قُهُسْتَانِيُّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُ جَمِيعُ ثِيَابِهِ وَيُجَدَّدُ الْكَفَنُ وَذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ إلَخْ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ «زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ دَلِيلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ» وَسَاقَ أَحَادِيثَ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهَا إنْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَمْ يَرْتَقِ إلَى دَرَجَةِ الصِّحَّةِ فَلَيْسَ بِنَازِلٍ عَنْ دَرَجَةِ الْحَسَنِ، وَمَجْمُوعُهَا مُرْتَقٍ إلَيْهَا قَطْعًا، فَتَعَارَضَ مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ، وَتَرَجَّحَ عَلَيْهِ بِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ، وَهُوَ نَافٍ، وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَالتَّزْمِيلُ، اللَّفُّ. وَالْكُلُومُ: جَمْعُ كَلْمٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْجُرْحُ

(قَوْلُهُ أَيْ فِي مَوْضِعٍ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ) فَالْمُرَادُ بِالْمِصْرِ وَالْقَرْيَةِ مَا يَشْمَلُ مَا قَرُبَ مِنْهُمَا؛ وَخَرَجَ مَا لَوْ وُجِدَ فِي مَفَازَةٍ لَيْسَ بِقُرْبِهَا عُمْرَانٌ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهِ قَسَامَةٌ وَلَا دِيَةٌ، فَلَا يُغَسَّلُ لَوْ وُجِدَ بِهِ أَثَرُ الْقَتْلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلَمْ قَاتِلُهُ) أَيْ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ قُتِلَ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ قَتَلَهُ ظُلْمًا، وَلِوُجُوبِ الدِّيَةِ. وَلَمَّا كَانَ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ عُلِمَ لَا يُغَسَّلُ مُطْلَقًا أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُرَادٍ فَصَّلَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ إنْ عُلِمَ، وَلَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ بِأَنْ قُتِلَ بِمُثْقَلٍ أَوْ خَطَأً فَكَذَلِكَ أَيْ يُغَسَّلُ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ أَطْلَقَهُ عَنْ التَّقْيِيدِ اسْتِغْنَاءً بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ: قُتِلَ ظُلْمًا إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قُتِلَ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَا مَنْ قَتَلَهُ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ خَارِجَ الْمِصْرِ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَمْ يُخْلِفْ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بَدَلًا هُوَ مَالٌ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ لِأَنَّ مُوجِبَ قَطْعِ الطَّرِيقِ الْقَتْلُ لَا الْمَالُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ فَلْيُحْفَظْ إلَخْ) أَصْلُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ قَاتِلٌ مُعَيَّنٌ مِنْهُمْ لِعَدَمِ وُجُودِهِمْ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ إلَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ، وَهُنَا قَدْ عُلِمَ أَنَّ قَاتِلَهُ اللُّصُوصُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِمْ لِفِرَارِهِمْ، فَلْيُحْفَظْ هَذَا فَإِنَّ النَّاسَ عَنْهُ غَافِلُونَ. اهـ.

قُلْت: وَوَجْهُ الْغَفْلَةِ إطْلَاقُ مَا سَيَأْتِي فِي الْقَسَامَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ نَفْسِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ وَرَثَتِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>