خَرَجَ الْإِبَاحَةُ، فَلَوْ أَطْعَمَ يَتِيمًا نَاوِيًا الزَّكَاةَ لَا يَجْزِيهِ إلَّا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الْمَطْعُومَ كَمَا لَوْ كَسَاهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ الْقَبْضَ إلَّا إذَا حَكَمَ عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِمْ (جَزْءُ مَالٍ) خَرَجَ الْمَنْفَعَةُ، فَلَوْ أَسْكَنَ فَقِيرًا دَارِهِ سَنَةً نَاوِيًا لَا يَجْزِيهِ (عَيَّنَهُ الشَّارِعُ) وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ نِصَابٍ حَوْلِيٍّ
ــ
[رد المحتار]
إيتَاءُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهُوَ الْقَابِلُ لِلْعِنْوَانِ، وَبِالِاشْتِرَاكِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ وَابْنُ الْأَثِيرِ:. اهـ. وقَوْله تَعَالَى - {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]- ظَاهِرُهُ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ، وَيُحْتَمَلُ تَأْوِيلُ الْإِيتَاءِ بِإِخْرَاجِ الْفِعْلِ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ كَمَا فِي - {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: ٧٢]-[تَنْبِيهٌ]
هَذَا التَّعْرِيفُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ زَكَاةُ السَّوَائِمِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْعَامِلَ وَلَوْ جَبْرًا فَلَمْ يُوجَدْ التَّمْلِيكُ مِنْ الْمُزَكَّى، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ السُّلْطَانَ أَوْ عَامِلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ عَنْهُ فِي صَرْفِهَا مَصَارِفَهَا وَتَمْلِيكِهَا أَوْ عَنْ الْفُقَرَاءِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: خَرَجَ الْإِبَاحَةُ) فَلَا تَكْفِي فِيهَا، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلَمْ تَخْرُجْ بِقَيْدِ التَّمْلِيكِ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيهَا التَّمْكِينُ وَهُوَ صَادِقٌ بِالتَّمْلِيكِ، وَإِنْ صَدَقَ بِالْإِبَاحَةِ أَيْضًا، نَعَمْ تَخْرُجُ بِقَوْلِهِ جَزْءُ مَالٍ إلَخْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الْمَطْعُومَ) لِأَنَّهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ يَمْلِكُهُ فَيَصِيرُ آكِلًا مِنْ مِلْكِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْعَمَهُ مَعَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَقِيرًا، وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ فَقْرِ أَبِيهِ أَيْضًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْيَتِيمِ وَلَا أَبَا لَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَسَاهُ) أَيْ كَمَا يُجْزِئُهُ لَوْ كَسَاهُ ح (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَعْقِلَ الْقَبْضَ) قَيْدٌ فِي الدَّفْعِ وَالْكِسْوَةِ كِلَيْهِمَا ح. وَفَسَّرَهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ بِاَلَّذِي لَا يَرْمِي بِهِ، وَلَا يُخْدَعُ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِلًا فَقَبَضَ عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ مَنْ يَعُولُهُ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، أَوْ مُلْتَقِطُهُ صَحَّ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَعَبَّرَ بِالْقَبْضِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ فِي التَّبَرُّعَاتِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ فَهُوَ جَزْءٌ مِنْ مَفْهُومِهِ فَلِذَا لَمْ يُقَيَّدْ بِهِ أَوَّلًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا حَكَمَ عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِمْ) أَيْ نَفَقَةِ الْأَيْتَامِ، وَالْأَوْلَى إفْرَادُ الضَّمِيرِ لِأَنَّ مَرْجِعَهُ فِي كَلَامِهِ مُفْرَدٌ أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْيَتِيمُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهَا أَيْ فَلَا تُجْزِيهِ عَنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمُسْتَثْنَى الَّذِي هُوَ إثْبَاتٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ يَحْتَسِبُ الْمُؤَدَّى إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ، أَمَّا إذَا احْتَسَبَهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَيُجْزِئُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْعُيُونِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: وَاحْتَسَبَهُ مِنْهَا كَمَا أَفَادَهُ ح.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا احْتَسَبَهُ مِنْ الزَّكَاةِ تَسْقُطُ عَنْهُ النَّفَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ لِاكْتِفَاءِ الْيَتِيمِ بِهَا لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ تَجِبُ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ، وَلِذَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ عَمَّا مَضَى، وَهُنَا كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) أَيْ أَبِي يُوسُفَ فَعِنْدَهُ يَصِحُّ. وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ قَضَى عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ ذِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ فَكَسَاهُ وَأَطْعَمَهُ يَنْوِي الزَّكَاةَ صَحَّ عِنْدَ الثَّانِي. اهـ. زَادَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ فِي الْكِسْوَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْإِطْعَامِ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِطْعَامِ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ.
قُلْت: هَذَا إذَا كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْإِبَاحَةِ دُونَ التَّمْلِيكِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ الْإِطْعَامِ، وَلِذَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ إذَا كَانَ يَعُولُ يَتِيمًا وَيَجْعَلُ مَا يَكْسُوهُ وَيُطْعِمُهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ، فَفِي الْكِسْوَةِ لَا شَكَّ فِي الْجَوَازِ لِوُجُودِ الرُّكْنِ وَهُوَ التَّمْلِيكُ، وَأَمَّا الطَّعَامُ فَمَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ بِيَدِهِ يَجُوزُ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا، مَا يَأْكُلُهُ بِلَا دَفْعٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَسْكَنَ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْكَشْفِ الْكَبِيرِ وَقَالَ قَبْلَهُ وَالْمَالُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ الْأُصُولِ مَا يُتَمَوَّلُ وَيُدَّخَرُ لِلْحَاجَةِ، وَهُوَ خَاصٌّ بِالْأَعْيَانِ فَخَرَجَ بِهِ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ. اهـ. (قَوْلُهُ عَيْنُهُ) أَيْ الْجُزْءُ أَوْ الْمَالُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ رُبُعُ عُشْرِ نِصَابٍ صَالِحٌ لَهُمَا فَإِنَّ رُبْعَ الْعُشْرِ مُعَيَّنٌ وَالنِّصَابُ مُعَيَّنٌ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ نِصَابٍ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute