للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَرَجَ النَّافِلَةُ وَالْفِطْرَةُ (مِنْ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ) وَلَوْ مَعْتُوهًا (غَيْرِ هَاشِمِيٍّ وَلَا مَوْلَاهُ) أَيْ مُعْتَقِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْكَنْزِ تَمْلِيكُ الْمَالِ: أَيْ الْمَعْهُودِ إخْرَاجُهُ شَرْعًا (مَعَ قَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُمَلِّكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) فَلَا يُدْفَعُ لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (لِلَّهِ تَعَالَى) بَيَانٌ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ

(وَشَرْطُ افْتِرَاضِهَا عَقْلٌ وَبُلُوغٌ

ــ

[رد المحتار]

مَقَامَهُ مِنْ صَدَقَاتِ السَّوَائِمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ ط (قَوْلُهُ خَرَجَ النَّافِلَةُ إلَخْ) لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُعَيَّنَيْنِ، أَمَّا النَّافِلَةُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْفِطْرَةُ فَلِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُقَدَّرَةً بِالصَّاعِ مِنْ نَحْوِ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ وَبِنِصْفِهِ مِنْ نَحْوِ بُرٍّ أَوْ زَبِيبٍ فَلَيْسَتْ مُعَيَّنَةً مِنْ الْمَالِ لِوُجُوبِهَا فِي الذِّمَّةِ، وَلِذَا لَوْ هَلَكَ الْمَالُ لَا تَسْقُطُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ؛ وَلِذَا تَجِبُ مِنْ الْبُرِّ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ، أَمَّا رُبْعُ الْعُشْرِ فِي الزَّكَاةِ فَلَا يَجِبُ إلَّا عَلَى مَنْ عِنْدَهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ غَيْرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِالتَّعْيِينِ وَالتَّقْدِيرِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكٍ، وَاحْتَرَزَ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ عَنْ الْكَافِرِ وَالْغَنِيِّ وَالْهَاشِمِيِّ وَمَوْلَاهُ وَالْمُرَادُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِحَالِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَصْرِفِ ح قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْحُرِّيَّةَ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى غَيْرِ الْحُرِّ جَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَيَانِ الْمَصْرِفِ

مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمَعْتُوهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعْتُوهًا) فِي الْمُغْرِبِ: الْمَعْتُوهُ النَّاقِصُ الْعَقْلِ، وَقِيلَ الْمَدْهُوشُ مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ اهـ وَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ فِي الصَّبِيِّ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي عَامَّةِ كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّ حُكْمَهُ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ. وَاسْتَثْنَى الدَّبُوسِيُّ الْعِبَادَاتِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا. وَرَدَّهُ أَبُو الْيُسْرِ بِأَنَّهُ نَوْعُ جُنُونٍ فَيَمْنَعُ الْوُجُوبَ.

وَفِي أُصُولِ الْبُسْتِيِّ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بِأَدَائِهَا كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إلَّا أَنَّهُ إنْ زَالَ الْعَتَهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ بِالْأَدَاءِ حَالًا، وَبِقَضَاءِ مَا مَضَى بِلَا حَرَجٍ، فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَقْضِي الْقَلِيلَ دُونَ الْكَثِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا فِيمَا قَبْلُ كَالنَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ دُونَ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى التَّحْقِيقِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُغْنِي لَلْهِنْدِيِّ إسْمَاعِيلُ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ أَيْ مُعْتَقَهُ) بِفَتْحِ التَّاءِ، وَالضَّمِيرُ لِلْهَاشِمِيِّ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا عَرَّفَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ أَيْ الْعُهُودُ) إشَارَةٌ إلَى مَا أَجَابَ بِهِ فِي النَّهْرِ عَنْ اعْتِرَاضِ الدُّرَرِ عَلَى الْكَنْزِ بِأَنَّ قَوْلَهُ تَمْلِيكُ الْمَالِ يَتَنَاوَلُ الصَّدَقَةَ النَّافِلَةَ، فَزَادَ قَوْلَهُ: عَيَّنَهُ الشَّارِعُ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ لِإِخْرَاجِهَا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ أَلْ فِي الْمَالِ لِلْعَهْدِ وَهُوَ مَا عَيَّنَهُ الشَّارِعُ (قَوْلُهُ مَعَ قَطْعِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكِ، وَقَوْلُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعٍ ط (قَوْلُهُ فَلَا يَدْفَعُ لِأَصْلِهِ) أَيْ وَإِنْ عَلَا، وَفَرْعِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَكَذَا لِزَوْجَتِهِ وَزَوْجِهَا وَعَبْدِهِ وَمُكَاتِبِهِ لِأَنَّهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ لَمْ تَنْقَطِعْ الْمَنْفَعَةُ عَنْ الْمُمَلَّكِ: أَيْ الْمُزَكَّى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ لِلَّهِ تَعَالَى) مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكِ أَيْ لِأَجْلِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ - تَعَالَى (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ) فَإِنَّهَا شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي مَقَاصِدِ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا بَحْرٌ

(قَوْلُهُ عَقْلٌ وَبُلُوغٌ) فَلَا تَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ وَلَيْسَا مُخَاطَبَيْنِ بِهَا، وَإِيجَابُ النَّفَقَاتِ وَالْغَرَامَاتِ لِكَوْنِهَا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَالْعُشْرِ، وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ لِأَنَّ فِيهِمَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ فِي الْمَجْنُونِ الْأَصْلِيِّ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ إفَاقَتِهِ كَوَقْتِ بُلُوغِهِ. أَمَّا الْعَارِضِي، فَإِنْ اسْتَوْعَبَ كُلَّ الْحَوْلِ فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ الثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُ لَغَا وَعَنْ الثَّانِي: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِهَا إفَاقَةُ أَكْثَرِ الْحَوْلِ نَهْرٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَعْتُوهَ هُنَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلَ وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْعَتَهِ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فَلَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ كَمَا عَلِمْت إلَّا إذَا لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْحَوْلَ لِأَنَّ الْجُنُونَ يَلْغُو مَعَهُ فَالْعَتَهُ بِالْأَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>