للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ، وَلَوْ لَهُ نُصُبٌ صَرَفَ الدَّيْنَ لِأَيْسَرِهَا قَضَاءً، وَلَوْ أَجْنَاسًا صَرَفَ لِأَقَلِّهَا زَكَاةً، فَإِنْ اسْتَوَيَا كَأَرْبَعِينَ شَاةً وَخَمْسِ إبِلٍ خُيِّرَ

(وَلَا فِي ثِيَابِ الْبَدَنِ)

ــ

[رد المحتار]

بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا ط (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ) وَعِبَارَتُهُ: وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَمْنَعُ بِمَنْزِلَةِ نُقْصَانِهِ، وَتَقْدِيمُهُمْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَبْرَأَهُ؛ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَسْتَأْنِفُ حَوْلًا جَدِيدًا لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ.

أَقُولُ: إنْ كَانَ مُجَرَّدُ التَّقْدِيمِ يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ فَقَدْ قَدَّمَ فِي الْجَوْهَرَةِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، وَأَشَارَ فِي الْمَجْمَعِ إلَى أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا، وَأَخَّرَ فِي شَرْحِهِ دَلِيلَهُمَا عَنْ دَلِيلِ مُحَمَّدٍ فَاقْتَضَى تَرْجِيحَ قَوْلِهِمَا لِأَنَّ الدَّلِيلَ الْمُتَأَخِّرَ يَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ عَنْ الْمُتَقَدِّمِ، بَلْ مَا عَزَاهُ إلَى مُحَمَّدٍ عَزَاهُ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا إلَى زُفَرَ. وَفِي الْبَحْرِ فِي آخِرِ بَابِ زَكَاةِ الْمَالِ عَنْ الْمُجْتَبَى: الدَّيْنُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْحَوْلِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا. وَقَالَ زُفَرُ: يَقْطَعُ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَاكَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيمَةُ الْعَرْضِ تُضَمُّ إلَى الثَّمَنَيْنِ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك مَا فِي تَرْجِيحِ الْبَحْرِ فَتَدَبَّرْ، نَعَمْ مَا فِي الْبَحْرِ أَوْجَهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَانِعٌ مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ فَيَمْنَعُ مِنْ بَقَائِهِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ تَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْمَنْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا إذَا كَانَ النِّصَابُ تَامًّا فِي آخِرِ الْحَوْلِ أَيْضًا، بِأَنْ مَلَكَ مَا يَفِي الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَهُ نُصُبٌ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ وَسَوَائِمُ يُصْرَفُ الدَّيْنُ إلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ثُمَّ إلَى الْعُرُوضِ ثُمَّ إلَى السَّوَائِمِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَجْنَاسًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ السَّوَائِمُ الَّتِي عِنْدَهُ أَجْنَاسًا، بِأَنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَخَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى الْغَنَمِ أَوْ الْإِبِلِ دُونَ الْبَقَرِ لِأَنَّ التَّبِيعَ فَوْقَ الشَّاةِ بَحْرٌ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أَطْلَقُوا، وَقَيَّدَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنْ يَحْضُرَ السَّاعِي، وَإِلَّا فَالْخِيَارُ لِرَبِّ الْمَالِ إنْ شَاءَ صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى السَّائِمَةِ وَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ شَاءَ عَكَسَ لِأَنَّهُمَا فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ. اهـ. (قَوْلُهُ خُيِّرَ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقِيلَ يُصْرَفُ إلَى الْغَنَمِ لِتَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْإِبِلِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا دَفَعَ مِنْ الْغَنَمِ وَاحِدَةً يَبْقَى تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ لَا تَجِبُ زَكَاتُهَا فِي الْقَابِلِ.

[تَتِمَّةٌ]

بَقِيَ مَا إذَا كَانَ لِلْمَدْيُونِ مَالُ الزَّكَاةِ وَغَيْرُهُ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَدُورِ السُّكْنَى، فَيُصْرَفُ الدَّيْنُ أَوَّلًا إلَى مَالِ الزَّكَاةِ لَا إلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ خِلَافًا لِزُفَرَ، حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ عَلَى خَادِمٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَخَادِمٌ صَرَفَ دَيْنَ الْمَهْرِ إلَى الْمِائَتَيْنِ دُونَ الْخَادِمِ عِنْدَنَا لِأَنَّ غَيْرَ مَالِ الزَّكَاةِ يُسْتَحَقُّ لِلْحَوَائِجِ، وَمَالُ الزَّكَاةِ فَاضِلٌ عَنْهَا فَكَانَ الصَّرْفُ إلَيْهِ أَيْسَرَ وَأَنْظَرَ بِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ، وَلِهَذَا لَا يُصْرَفُ إلَى ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَقُوَّتِهِ، وَلَوْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: أَرَأَيْت لَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَلَمْ يَكُنْ مَوْضِعًا لِلصَّدَقَةِ؟ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَالَ الزَّكَاةِ مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ فَالْتُحِقَ بِالْعَدَمِ وَمَلَكَ الدَّارَ وَالْخَادِمُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ الصَّدَقَةِ فَكَانَ فَقِيرًا وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْفَقِيرِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالُ زَكَاةٍ يَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَى عُرُوضِ الْبِذْلَةِ ثُمَّ إلَى الْعَقَارِ لِأَنَّ الْمَلِكَ مِمَّا يُسْتَحْدَثُ فِي الْعُرُوضِ سَاعَةً فَسَاعَةً، أَمَّا الْعَقَارُ فَبِخِلَافِهَا غَالِبًا بَدَائِعُ.

أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ يَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَى عُرُوضِ الْبِذْلَةِ إلَخْ كَلَامٌ اسْتِطْرَادِيٌّ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا أَرَادَ الْقَاضِي بَيْعَ مَالِهِ عَلَيْهِ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْحِجْرِ لَا فِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالُ زَكَاةٍ فَأَيَّ شَيْءٍ يُزَكِّيهِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالُ زَكَاةٍ فَقَدْ صَرَّحَ قَبْلَهُ بِأَنَّ الدَّيْنَ يُصْرَفُ إلَى مَالِ الزَّكَاةِ دُونَ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ثِيَابُ الْبِذْلَةِ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَيْسَ مَالَ زَكَاةٍ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ الثِّيَابُ تَفِي بِالدَّيْنِ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ يُصْرَفُ إلَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي عِنْدَهُ دُونَ الثِّيَابِ، وَقَدْ صَرَّحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>