الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا لِدَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ ابْنُ مَلَكٍ (وَأَثَاثِ الْمَنْزِلِ وَدُورِ السُّكْنَى وَنَحْوِهَا) وَكَذَا الْكُتُبُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِأَهْلِهَا إذَا لَمْ تُنْوَ لِلتِّجَارَةِ، غَيْرَ أَنَّ الْأَهْلَ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ، وَإِنْ سَاوَتْ نُصُبًا، إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ فِقْهٍ وَحَدِيثٍ وَتَفْسِيرٍ، أَوْ تَزِيدُ عَلَى نُسْخَتَيْنِ مِنْهَا هُوَ الْمُخْتَارُ: وَكَذَلِكَ آلَاتُ الْمُحْتَرِفِينَ إلَّا مَا يَبْقَى أَثَرُ عَيْنِهِ
ــ
[رد المحتار]
فِي السِّرَاجِ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يُصْرَفُ الدَّيْنُ لِمِلْكٍ آخَرَ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَفِي الزَّيْلَعِيِّ أَيْضًا: وَلَا يَتَحَقَّقُ الْغِنَى بِالْمَالِ الْمُسْتَقْرَضِ مَا لَمْ يُقْضَ
(قَوْلُهُ: الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا إلَخْ) إنَّمَا قَيَّدَ ابْنُ مَلَكٍ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ بَيَانَ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ. أَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَرَادَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَا فِي ثِيَابِ الْبَدَنِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ لِتَقَدُّمِهِ، فَقَيَّدَ بِذَلِكَ وَجَعَلَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهَا مِنْ مُحْتَرَزَاتِ الْقَيْدِ الَّذِي تُعِدُّهُ وَهُوَ قَوْلُهُ نَامٍ، وَلَوْ تَقْدِيرًا مُرَاعَاةً لِتَرْتِيبِ الْقُيُودِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَثَاثِ الْمَنْزِلِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ نَامٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا، وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهَا: أَيْ كَثِيَابِ الْبَدَنِ الْغَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا وَكَالْحَوَانِيتِ وَالْعَقَارَاتِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِأَهْلِهَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ تَقْيِيدَ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ لِأَهْلِهَا غَيْرُ مُعْتَبَرِ الْمَفْهُومِ هُنَا، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: أَرَادَ إخْرَاجَهَا بِقَوْلِهِ: وَعَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَجَعَلَ الَّتِي لِغَيْرِ أَهْلِهَا خَارِجَةً بِقَوْلِهِ: نَامٍ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ، وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهَا مَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِتَدْرِيسٍ وَحِفْظٍ وَتَصْحِيحٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ الْأَهْلَ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى التَّعْمِيمِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِأَهْلِهَا: أَيْ أَنَّ الْكُتُبَ لَا زَكَاةَ فِيهَا عَلَى الْأَهْلِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَيِّ عِلْمٍ كَانَتْ لِكَوْنِهَا غَيْرَ نَامِيَةٍ، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَهْلِ وَغَيْرِهِمْ فِي جَوَازِ أَخْذِ الزَّكَاةِ وَالْمَنْعِ عَنْهُ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا لِلتَّدْرِيسِ وَالْحِفْظِ وَالتَّصْحِيحِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِهَا عَنْ الْفَقْرِ، فَلَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ إنْ كَانَتْ فِقْهًا أَوْ حَدِيثًا أَوْ تَفْسِيرًا وَلَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَتِهِ نُسَخٌ تُسَاوِي نِصَابًا، كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ كُلِّ تَصْنِيفٍ نُسْخَتَانِ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ لِأَنَّ النُّسْخَتَيْنِ يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا لِتَصْحِيحِ كُلٍّ مِنْ الْأُخْرَى وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ: أَيْ كَوْنُ الزَّائِدِ عَلَى الْوَاحِدَةِ فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ فَإِنَّهُمْ يُحْرَمُونَ بِالْكُتُبِ مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ لِتَعَلُّقِ الْحِرْمَانِ بِمِلْكِ قَدْرِ نِصَابٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَامِيًا. وَأَمَّا كُتُبُ الطِّبِّ وَالنَّحْوِ وَالنُّجُومِ فَمُعْتَبَرَةٌ فِي الْمَنْعِ مُطْلَقًا وَنَصَّ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى أَنَّ كُتُبَ الْأَدَبِ وَالْمُصْحَفَ الْوَاحِدَ كَكُتُبِ الْفِقْهِ، لَكِنْ اضْطَرَبَ كَلَامُهُ فِي كُتُبِ الْأَدَبِ فَصَرَّحَ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِأَنَّهَا كَالتَّعْبِيرِ وَالطِّبِّ وَالنُّجُومِ. وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ نُسْخَةً مِنْ النَّحْوِ أَوْ نُسْخَتَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ لَا تُعْتَبَرُ مِنْ النِّصَابِ، وَكَذَا مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَالْكَلَامُ غَيْرُ الْمَخْلُوطِ بِالْآرَاءِ بَلْ مَقْصُورٌ عَلَى تَحْقِيقِ الْحَقِّ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُ الْمَخْلُوطِ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ أَفَادَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
قُلْت: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْأَدَبِ الظَّرَافَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَذَلِكَ كَكُتُبِ الشِّعْرِ وَالْعَرُوضِ وَالتَّارِيخِ وَنَحْوِهِ تَمْنَعُ الْأَخْذَ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ آدَابُ النَّفْسِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِعِلْمِ الْأَخْلَاقِ كَالْإِحْيَاءِ لِلْغَزَالِيِّ وَنَحْوِهِ فَهُوَ كَالْفِقْهِ لَا يَمْنَعُ، وَإِنْ كُتُبُ الطِّبِّ لِطَبِيبٍ يَحْتَاجُ إلَى مُطَالَعَتِهَا وَمُرَاجَعَتِهَا لَا تَمْنَعُ لِأَنَّهَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ كَآلَاتِ الْمُحْتَرِفِينَ، وَإِنَّ الْأَهْلَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا فَهُوَ كَغَيْرِ الْأَهْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ، وَكَذَا حَافِظُ قُرْآنٍ لَهُ مُصْحَفٌ لَا يَحْتَاجُهُ لِأَنَّ الْمَنَاطَ هُوَ
الْحَاجَةُ
(قَوْلُهُ أَوْ تَزِيدُ عَلَى نُسْخَتَيْنِ) صَوَابُهُ عَلَى نُسْخَةٍ لِأَنَّ الْمُخْتَارَ هُوَ كَوْنُ الزَّائِدِ عَلَى نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ: وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ آلَاتُ الْمُحْتَرِفِينَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا لَا تُسْتَهْلَكُ عَيْنُهُ فِي الِانْتِفَاعِ كَالْقَدُّومِ وَالْمِبْرَدِ أَوْ تُسْتَهْلَكُ، لَكِنْ هَذَا مِنْهُ مَا لَا يَبْقَى أَثَرُ عَيْنِهِ، كَصَابُونٍ وَجَرْضِ الْغَسَّالِ، وَمِنْهُ مَا يَبْقَى كَعُصْفُرٍ وَزَعْفَرَانٍ لِصَبَّاغٍ وَدُهْنٍ وَعَفْصٍ لِدَبَّاغِ فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ. وَفِي الْأَخِيرِ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ بِمُقَابَلَةِ الْعَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ. قَالَ: وَقَوَارِيرُ الْعَطَّارِينَ، وَلَحْمُ الْخَيْلِ وَالْحَمِيرُ الْمُشْتَرَاةُ لِلتِّجَارَةِ وَمَقَاوِدُهَا وَجِلَالُهَا إنْ كَانَ مِنْ غَرَضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute