للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ دَفَعَهَا لِذِمِّيٍّ لِيَدْفَعَهَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ لِلْفُقَرَاءِ جَازَ نِيَّةُ الْأَمْرِ وَلِذَا لَوْ قَالَ هَذَا تَطَوُّعٌ أَوْ عَنْ كَفَّارَتِي ثُمَّ نَوَاهُ عَنْ الزَّكَاةِ قَبْلَ دَفْعِ الْوَكِيلِ صَحَّ، وَلَوْ خَلَطَ زَكَاةَ مُوَكِّلِيهِ ضَمِنَ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا إلَّا إذَا وَكَّلَهُ الْفُقَرَاءُ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَدْفَعَ لِوَلَدِهِ الْفَقِيرِ وَزَوْجَتِهِ لَا لِنَفْسِهِ إلَّا إذَا قَالَ: رَبُّهَا ضَعْهَا حَيْثُ شِئْت، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ أَجْزَأَ إنْ كَانَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ وَكَانَتْ دَرَاهِمُ الْمُوَكِّلِ قَائِمَةً (أَوْ مُقَارَنَةً

ــ

[رد المحتار]

فِي مِلْكِهِ لَا الْيَدُ الْحَقِيقِيَّةُ، وَأَنَّ النِّيَّةَ تُجْزِيهِ مَادَامَ فِي مِلْكِ الْفَقِيرِ، وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ أَوْ دَفَعَهَا لِذِمِّيٍّ) نَبَّهَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، فَتَصِحُّ فِيهَا إنَابَةُ الذِّمِّيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيهَا نِيَّةُ الْأَمْرِ، بِخِلَافِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْمَالِ وَالْبَدَنِ فَتُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْمَأْمُورِ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الْآمِرِ) عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِ الْمُعْتَبَرِ نِيَّةَ الْآمِرِ (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ) أَيْ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَوَاهُ عَنْ الزَّكَاةِ) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ بَلْ دَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ أَوْ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ ضَمِنَ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْخَلْطِ وَصَارَ مُؤَدِّيًا مَالَ نَفْسِهِ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: إلَّا إذَا وَجَدَ الْإِذْنَ أَوْ أَجَازَ الْمَالِكَانِ اهـ أَيْ أَجَازَ قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى الْفَقِيرِ، لِمَا فِي الْبَحْرِ: لَوْ أَدَّى زَكَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ فَبَلَغَهُ فَأَجَازَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا وُجِدَتْ نَفَاذًا عَلَى الْمُتَصَدِّقِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَصِرْ تَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ فَنَفَذَتْ عَلَيْهِ اهـ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: تُجْزِي عَنْ الْآمِرِ مُطْلَقًا لِبَقَاءِ الْإِذْنِ بِالدَّفْعِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ تَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ جَازَ وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِشَرْطِ الرُّجُوعِ اهـ تَأَمَّلْ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَوْ وُجِدَتْ دَلَالَةُ الْإِذْنِ بِالْخَلْطِ كَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِذْنِ مِنْ أَرْبَابِ الْحِنْطَةِ بِخَلْطِ ثَمَنِ الْغَلَّاتِ؛ وَكَذَلِكَ الْمُتَوَلِّي إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أُوقِيَّاتٌ مُخْتَلِفَةٌ وَخَلَطَ غَلَّاتِهَا ضَمِنَ وَكَذَلِكَ السِّمْسَارُ إذَا خَلَطَ الْأَثْمَانَ أَوْ الْبَيَّاعُ إذَا خَلَطَ الْأَمْتِعَةَ يَضْمَنُ. اهـ. قَالَ فِي التَّجْنِيسِ: وَلَا عُرْفَ فِي حَقِّ السَّمَاسِرَةِ وَالْبَيَّاعِينَ بِخَلْطِ ثَمَنِ الْغَلَّاتِ وَالْأَمْتِعَةِ اهـ وَيَتَّصِلُ بِهَذَا الْعَالِمُ إذَا سَأَلَ لِلْفُقَرَاءِ شَيْئًا وَخَلَطَ يَضْمَنُ.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ الْعُرْفُ فَلَا ضَمَانَ لِوُجُودِ الْإِذْنِ حِينَئِذٍ دَلَالَةً. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْمَالِكِ بِهَذَا الْعُرْفِ لِيَكُونَ إذْنًا مِنْهُ دَلَالَةً (قَوْلُهُ إذَا وَكَّلَهُ الْفُقَرَاءَ) لِأَنَّهُ كُلَّمَا قَبَضَ شَيْئًا مَلَكُوهُ وَصَارَ خَالِطًا مَالَهُمْ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَوَقَعَ زَكَاةً عَنْ الدَّافِعِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْلُغَ الْمَالُ الَّذِي بِيَدِ الْوَكِيلِ نِصَابًا. فَلَوْ بَلَغَهُ وَعَلِمَ بِهِ الدَّافِعُ لَمْ يُجْزِهِ إذَا كَانَ الْآخِذُ وَكِيلًا عَنْ الْفَقِيرِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.

قُلْت: وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَقِيرُ وَاحِدًا، فَلَوْ كَانُوا مُتَعَدِّدِينَ لَا بُدَّ أَنْ يَبْلُغَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصَابًا لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْوَكِيلِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ، فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً، وَمَا فِي يَدِ الْوَكِيلِ بَلَغَ نِصَابَيْنِ لَمْ يَصِيرُوا أَغْنِيَاءَ فَتُجْزِي الزَّكَاةُ عَنْ الدَّفْعِ بَعْدَهُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ ثَلَاثَةَ أَنْصِبَاءَ إلَّا إذَا كَانَ وَكِيلًا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ، فَحِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصَابُهُ عَلَى حِدَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ الْخَلْطُ بِلَا إذْنِهِمْ؛ فَلَوْ خَلَطَ أَجْزَأَ عَنْ الدَّافِعِينَ وَضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِينَ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْآخِذُ وَكِيلًا عَنْهُمْ فَتُجْزِي، وَإِنْ بَلَغَ الْمَقْبُوضُ نُصُبًا كَثِيرَةً لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ: لِوَلَدِهِ الْفَقِيرِ) وَإِذَا كَانَ وَلَدًا صَغِيرًا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ فَقِيرًا أَيْضًا لِأَنَّ الصَّغِيرَ يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَى أَبِيهِ أَفَادَهُ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالدَّفْعِ إلَى مُعَيَّنٍ؛ إذْ لَوْ خَالَفَ فَفِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي الْقُنْيَةِ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْقَوَاعِدَ تَشْهَدُ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِقَوْلِهِمْ: لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى فُلَانٍ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِ. اهـ.

أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَعْيِينَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالدِّرْهَمِ وَالْفَقِيرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي النَّذْرِ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَهُ مَا هُوَ قُرْبَةٌ، وَهُوَ أَصْلُ التَّصَدُّقِ دُونَ التَّعْيِينِ فَيَبْطُلُ، وَتَلْزَمُ الْقُرْبَةُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهُنَا الْوَكِيلُ إنَّمَا يَسْتَفِيدُ التَّصَرُّفَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ فَلَا يَمْلِكُ الدَّفْعَ إلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِكَذَا لَيْسَ لِلْوَصِيِّ الدَّفْعُ إلَى غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَزَوْجَتِهِ) أَيْ الْفَقِيرَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَصَدَّقَ إلَخْ) أَيْ الْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا أَمْسَكَ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>