لِلتِّجَارَةِ بِلَا نِيَّةٍ صَرِيحًا، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ مَا يَشْتَرِيهِ الْمُضَارِبُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِمَالِهَا غَيْرَهَا. وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فِيمَا خَرَجَ مِنْ أَرْضِهِ الْعُشْرِيَّةِ أَوْ الْخَرَاجِيَّةِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ الْمُسْتَعَارَةِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْحَقَّانِ
(وَشَرْطُ صِحَّةِ أَدَائِهَا نِيَّةٌ مُقَارِنَةٌ لَهُ) أَيْ لِلْأَدَاءِ (وَلَوْ) كَانَتْ الْمُقَارَنَةُ (حُكْمًا) كَمَا لَوْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَى وَالْمَالُ قَائِمٌ فِي يَدِ الْفَقِيرِ، أَوْ نَوَى عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ ثُمَّ دَفَعَ الْوَكِيلُ بِلَا نِيَّةٍ
ــ
[رد المحتار]
لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ الِاخْتِلَافَ فِي بَدَلِ مَنَافِعِ عَيْنٍ مُعَدَّةٍ لِلتِّجَارَةِ. فَفِي كِتَابِ زَكَاةِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ بِلَا نِيَّةٍ. وَفِي الْجَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ عَلَى النِّيَّةِ وَصَحَّحَ مَشَايِخُ بَلْخٍ رِوَايَةَ الْجَامِعِ لِأَنَّ الْعَيْنَ وَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ لَكِنْ قَدْ يُقْصَدُ بِبَدَلِ مَنَافِعِهَا الْمَنْفَعَةُ؛ فَتُؤَجَّرُ الدَّابَّةُ لِيُنْفَقَ عَلَيْهَا، وَالدَّارُ لِلْعِمَارَةِ فَلَا تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ مَعَ التَّرَدُّدِ إلَّا بِالنِّيَّةِ. اهـ. وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ؛ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلسُّكْنَى مَثَلًا لَا يَصِيرُ بَدَلُهَا لِلتِّجَارَةِ بِدُونِ النِّيَّةِ، فَإِذَا نَوَى يَصِحُّ، وَيَكُونُ مِنْ قِسْمِ الصَّرِيحِ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَوْا إلَخْ) ذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ يَنْبَغِي جَعْلُهُ مِنْ النِّيَّةِ دَلَالَةً فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا أَوْ نَوَى الشِّرَاءَ لِلنَّفَقَةِ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى عَبِيدًا بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اشْتَرَى لَهُمْ كِسْوَةً وَطَعَامًا لِلنَّفَقَةِ كَانَ الْكُلُّ لِلتِّجَارَةِ، وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْكُلِّ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِمَالِهَا غَيْرَهَا) أَيْ بِمَالِ التِّجَارَةِ غَيْرَ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ إذَا اشْتَرَى لَهُمْ طَعَامًا وَثِيَابًا لِلنَّفَقَةِ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ التِّجَارَةِ إلَخْ) لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا عِنْدَ عَقْدِ التِّجَارَةِ، فَلَا تَصِحُّ فِيمَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَإِرْثٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَمِثْلُهُ الْخَارِجُ مِنْ أَرْضِهِ، لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِيهِ بِالنَّبَاتِ، وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَخَرَجَ أَيْ بِقَيْدِ الْعَقْدِ مَا إذَا دَخَلَ مِنْ أَرْضِهِ حِنْطَةٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا، وَنَوَى أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَبِيعَهَا فَأَمْسَكَهَا حَوْلًا لَا تَجِبُ فِيهَا الذَّكَاةُ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بَذْرَ التِّجَارَةِ وَزَرَعَهَا فِي أَرْضِ عُشْرٍ اسْتَأْجَرَهَا كَانَ فِيهَا الْعُشْرُ لَا غَيْرَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ إنَّمَا عَلَيْهِ حَقُّ الْأَرْضِ مِنْ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُسْتَأْجَرِ أَوْ الْمُسْتَعَارَةِ) يَعْنِي وَكَانَتْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةً، فَإِنَّ الْعُشْرَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ اتِّفَاقًا وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمَأْخُوذِ بِهِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتَا خَرَاجِيَّتَيْنِ فَإِنَّ الْخَرَاجَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، فَإِذَا نَوَى الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْخَارِجِ مِنْهُمَا التِّجَارَةَ يَصِحُّ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِ الْحَقَّيْنِ أَفَادَهُ ح.
قُلْت: يَتَعَيَّنُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى بَذْرًا لِلتِّجَارَةِ وَزَرَعَهُ لِيَصِحَّ التَّعْلِيلُ بِعَدَمِ اجْتِمَاعِ الْحَقَّيْنِ، أَمَّا لَوْ نَوَى التِّجَارَةَ فِيمَا خَرَجَ مِنْ أَرْضِهِ، فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِعَدَمِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِرْ الْخَارِجُ مَالَ تِجَارَةٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْحَقَّانِ) عَلِمْت مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ صِحَّةِ أَدَائِهَا إلَخْ) قَدْ عُلِمَ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا لِلَّهِ تَعَالَى، لَكِنْ ذُكِرَتْ هُنَا لِبَيَانِ تَفَاصِيلِهَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ نِيَّةٌ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِلتَّسْمِيَةِ؛ فَلَوْ سَمَّاهَا هِبَةً أَوْ قَرْضًا تُجْزِيهِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ وَقَعَ عَنْهَا عِنْدَ الثَّانِي لِأَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ أَقْوَى وَعِنْدَ الثَّالِثِ يَقَعُ عَنْهُ، وَإِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْفَقِيرِ أَخْذُهَا بِلَا عِلْمِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَرَابَتِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ أَحْوَجُ مِنْهُ فَيَضْمَنُ حُكْمًا لَا دِيَانَةً، وَإِلَى أَنَّ السَّاعِيَ لَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ كُرْهًا لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ، بِخِلَافِ الظَّاهِرَةِ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ، وَإِلَى أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِفَقْدِ النِّيَّةِ إلَّا إذَا أَوْصَى فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. زَادَ فِي الْجَوْهَرَةِ: أَوْ تَبَرَّعَ وَرَثَتُهُ.
قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ فَتَكْفِي نِيَّتُهُمْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُقَارِنَةٌ) هُوَ الْأَصْلُ كَمَا فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الْعَزْلِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ الدَّفْعَ يَتَفَرَّقُ فَيَتَخَرَّجُ بِاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلِّ دَفْعٍ فَاكْتَفَى بِذَلِكَ لِلْحَرَجِ بَحْرٌ، وَالْمُرَادُ مُقَارَنَتُهَا لِلدَّفْعِ إلَى الْفَقِيرِ، وَأَمَّا الْمُقَارَنَةُ لِلدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ فَهِيَ مِنْ الْحُكْمِيَّةِ كَمَا يَأْتِي ط (قَوْلُهُ: وَالْمَالُ قَائِمٌ فِي يَدِ الْفَقِيرِ) بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى بَعْدَ هَلَاكِهِ بَحْرٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقِيَامِهِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ بَقَاؤُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute