للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ مَحْكُومٍ بِإِفْلَاسِهِ (أَوْ) عَلَى (جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا زَكَاةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَلَكٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُقْبَلُ (أَوْ عَلِمَ بِهِ قَاضٍ) سَيَجِيءُ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِ الْقَاضِي (فَوَصَلَ إلَى مِلْكِهِ لَزِمَ زَكَاةُ مَا مَضَى) وَسَنُفَصِّلُ الدَّيْنَ فِي زَكَاةِ الْمَالِ.

(وَسَبَبُ لُزُومِ أَدَائِهَا تَوَجُّهُ الْخِطَابِ) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]

(وَشَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ افْتِرَاضِ أَدَائِهَا (حَوَلَانُ الْحَوْلِ) وَهُوَ فِي مِلْكِهِ (وَثَمَنِيَّةُ الْمَالِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) لِتَعَيُّنِهِمَا لِلتِّجَارَةِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَتَلْزَمُ الزَّكَاةُ كَيْفَمَا أَمْسَكَهُمَا وَلَوْ لِلنَّفَقَةِ (أَوْ السَّوْمُ) بِقَيْدِهَا الْآتِي (أَوْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ) فِي الْعُرُوضِ، إمَّا صَرِيحًا وَلَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَتِهَا لِعَقْدِ التِّجَارَةِ كَمَا سَيَجِيءُ، أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ يَشْتَرِيَ عَيْنًا بِعَرَضِ التِّجَارَةِ أَوْ يُؤَاجِرُ دَارِهِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ بِعَرَضٍ فَتَصِيرُ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُقِرٍّ فَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ. وَالْأَخْصَرُ قَوْلُ الدُّرَرِ عَلَى مُقِرٍّ وَلَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ أَيْ مَحْكُومٍ بِإِفْلَاسِهِ) أَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ مُفَلَّسٍ مُشَدَّدُ اللَّامِ، وَقَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهِ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَهُوَ مُعْسِرٌ وَمَرَّ حُكْمُهُ، وَلَوْ لَمْ يُفَلِّسْهُ الْقَاضِي وَجَبَتْ الزَّكَاةُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ (قَوْلُهُ: وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا زَكَاةَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ) صَحَّحَهُ فِي التُّحْفَةِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَعَزَاهُ إلَى السَّرَخْسِيِّ بَحْرٌ. وَفِي بَابِ الْمَصْرِفِ مِنْ النَّهْرِ عَنْ عَقْدِ الْفَرَائِدِ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ.

قُلْت: وَنَقَلَ الْبَاقَانِيُّ تَصْحِيحَ الْوُجُوبِ عَنْ الْكَافِي قَالَ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِلَيْهِ مَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ اهـ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْغُرَرِ وَالْمُلْتَقَى وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي بَابِ الْمَصْرِفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ لَا يَعْدِلُ، وَقَدْ لَا يَظْفَرُ بِالْخُصُومَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمَانِعٍ فَيَكُونُ: أَيْ الدَّيْنُ فِي حُكْمِ الْهَالِكِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ سَيَجِيءُ) أَيْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ ط (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْقَضَاءِ) أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ قَضَاءِ الْقَاضِي اعْتِمَادًا عَلَى عِلْمِهِ، فَلَوْ عَلِمَ بِالْمَجْحُودِ وَقَضَى بِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُزَكِّيَ لِمَا مَضَى (قَوْلُهُ فَوَصَلَ إلَى مِلْكِهِ) أَقُولُ: مِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْمُحِيطِ لَهُ أَلْفٌ عَلَى مُعْسِرٍ فَاشْتَرَى مِنْهُ بِالْأَلْفِ دِينَارًا ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ الدِّينَارَ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا لَهَا بِالدِّينَارِ. اهـ. وَمِنْهُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَهَبَ دَيْنَهُ مِنْ رَجُلٍ وَوَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ ثُمَّ قَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْوَاهِبِ لِأَنَّ الْقَابِضَ وَكِيلٌ عَنْهُ بِالْقَبْضِ لَهُ أَوَّلًا.

وَأَقُولُ أَيْضًا: الْوُصُولُ إلَى مِلْكِهِ غَيْرُ قَيْدٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ مَدْيُونَهُ الْمُوسِرَ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ كَمَا ذَكَرَهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الدَّيْنِ قُبَيْلَ بَابِ الْعَاشِرِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَسَنُفَصِّلُ الدَّيْنَ) أَيْ إلَى قَوِيٍّ وَوَسَطٍ وَضَعِيفٍ وَالْأَخِيرُ لَا يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى أَصْلًا، وَفِي الْأَوَّلَيْنِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي، فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ

(قَوْلُهُ: وَسَبَبُ إلَخْ) هَذَا هُوَ السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ؛ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَسَبَبُهُ مِلْكُ نِصَابٍ إلَخْ هُوَ السَّبَبُ الظَّاهِرِيُّ كَالزَّوَالِ لِلظُّهْرِ ط (قَوْلُهُ: تَوَجَّهَ الْخِطَابُ) أَيْ الْخِطَابُ الْمُتَوَجَّهُ إلَى الْمُكَلَّفِينَ بِالْأَمْرِ بِالْأَدَاءِ ط

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ إلَخْ) مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرْطُ افْتِرَاضِهَا عَقْلٌ إلَخْ شُرُوطٌ فِي رَبِّ الْمَالِ، وَمَا هُنَا شُرُوطٌ فِي نَفْسِ الْمَالِ الْمُزَكَّى ط (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي مِلْكِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ نِصَابَ الْمَالِ فِي مِلْكِهِ التَّامِّ كَمَا مَرَّ، وَالشَّرْطُ تَمَامُ النِّصَابِ فِي طَرَفَيْ الْحَوْلِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْحَوْلَ لَا يُشْتَرَطُ فِي زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلنَّفَقَةِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فَلَا تَغْفُلُ (قَوْلُهُ بِقَيْدِهَا الْآتِي) هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ بِقَصْدِ الدُّرِّ وَالنَّسْلِ، وَأَنْتَ الضَّمِيرُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّوْمِ الْإِسَامَةُ؛ إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّتِهَا لِأَنَّ السَّائِمَةَ تَصْلُحُ لِغَيْرِ الدُّرِّ وَالنَّسْلِ كَالْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ، وَلَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ النِّيَّةُ مَا لَمْ تَتَّصِلْ بِفِعْلِ الْإِسَامَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ أَوْ يُؤَاجِرُ دَارِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>