للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَجُوزُ. وَحِيلَةُ الْجَوَازِ أَنْ يُعْطِيَ مَدْيُونَهُ الْفَقِيرَ زَكَاتَهُ ثُمَّ يَأْخُذَهَا عَنْ دَيْنِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمَدْيُونُ مَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَهَا لِكَوْنِهِ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ، فَإِنْ مَانَعَهُ رَفَعَهُ لِلْقَاضِي، وَحِيلَةُ التَّكْفِينِ بِهَا التَّصَدُّقُ عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ هُوَ يُكَفَّنُ فَيَكُونُ الثَّوَابُ لَهُمَا وَكَذَا فِي تَعْمِيرِ الْمَسْجِدِ، وَتَمَامُهُ فِي حِيلَ الْأَشْبَاهِ

(وَافْتِرَاضُهَا عُمْرِيٌّ) أَيْ عَلَى التَّرَاخِي وَصَحَّحَهُ الْبَاقَانِيُّ وَغَيْرُهُ (وَقِيلَ فَوْرِيٌّ) أَيْ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ (وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ

ــ

[رد المحتار]

الْأُولَى أَدَاءُ الدَّيْنِ عَنْ الْعَيْنِ كَجَعْلِهِ مَا فِي ذِمَّةِ مَدْيُونِهِ زَكَاةً لِمَالِهِ الْحَاضِرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَ فَقِيرًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ عَنْ زَكَاةِ عَيْنٍ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ عِنْدَ قَبْضِ الْفَقِيرِ يَصِيرُ عَيْنًا فَكَانَ عَيْنًا عَنْ عَيْنٍ.

الثَّانِيَةُ أَدَاءُ دَيْنٍ عَنْ دَيْنٍ سَيُقْبَضُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَحْرِ، وَهُوَ مَا لَوْ أَبْرَأَ الْفَقِيرَ عَنْ بَعْضِ النِّصَابِ نَاوِيًا بِهِ الْأَدَاءَ عَنْ الْبَاقِي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْبَاقِيَ يَصِيرُ عَيْنًا بِالْقَبْضِ فَيَصِيرُ مُؤَدِّيًا بِالدَّيْنِ عَنْ الْعَيْنِ. اهـ. وَلِذَا أَطْلَقَ الشَّارِحُ الدَّيْنَ أَوَّلًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِالسُّقُوطِ، وَلِقَوْلِهِ بَعْدَهُ سَيُقْبَضُ (قَوْلُهُ وَحِيلَةُ الْجَوَازِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُعْسِرٍ، وَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ زَكَاةً عَنْ عَيْنٍ عِنْدَهُ أَوْ عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ سَيُقْبَضُ (قَوْلُهُ أَنْ يُعْطِيَ مَدْيُونَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَسِيلَةً إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ) نَقَلَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي آخِرِ شَرْحِ الْأَشْبَاهِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَانَعَهُ إلَخْ) وَالْحِيلَةُ إذَا خَافَ ذَلِكَ مَا فِي الْأَشْبَاهِ، وَهُوَ أَنْ يُوَكِّلَ الْمَدْيُونُ خَادِمَ الدَّائِنِ بِقَبْضِ الزَّكَاةِ ثُمَّ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، فَبِقَبْضِ الْوَكِيلِ صَارَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ، وَلَا يُسَلَّمُ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ إلَّا فِي غَيْبَةِ الْمَدْيُونِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْ وَكَالَةِ قَضَاءِ دَيْنِهِ حَالَ الْقَبْضِ قَبْلَ الدَّفْعِ. اهـ. وَفِيهَا: إنْ كَانَ لِلدَّائِنِ شَرِيكٌ فِي الدَّيْنِ يَخَافُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَتَصَدَّقَ الدَّائِنُ بِالدَّيْنِ وَيَهَبَ الْمَدْيُونَ مَا قَبَضَهُ لِلدَّائِنِ فَلَا مُشَارَكَةَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ هُوَ) أَيْ الْفَقِيرُ يُكَفَّنُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ أَمْرَهُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى صِحَّةِ التَّمَلُّكِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَصْرِفِ بَحْثًا (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الثَّوَابُ لَهُمَا) أَيْ ثَوَابُ الزَّكَاةِ لِلْمُزَكِّي، وَثَوَابُ التَّكْفِينِ لِلْفَقِيرِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ ثَوَابَ التَّكْفِينِ يَثْبُتُ لِلْمُزَكِّي أَيْضًا، لِأَنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّوَابُ كَمًّا وَكَيْفًا ط.

قُلْت: وَأَخْرَجَ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «لَوْ مَرَّتْ الصَّدَقَةُ عَلَى يَدَيْ مِائَةٍ لَكَانَ لَهُمْ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ الْمُبْتَدِئِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ» (قَوْلُهُ وَكَذَا) الْإِشَارَةُ إلَى الْحِيلَةِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ إلَخْ) هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْأَشْبَاهِ

(قَوْلُهُ وَافْتِرَاضُهَا عُمْرِيٌّ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ أَدَّى يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلْوَاجِبِ، وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْوَقْتُ لِلْوُجُوبِ، وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى مَاتَ يَأْثَمُ وَاسْتَدَلَّ الْجَصَّاصُ لَهُ بِمَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إذَا هَلَكَ نِصَابُهُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ يَضْمَنُ كَمَنْ أَخَّرَ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ عَنْ وَقْتِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الْبَاقَانِيُّ وَغَيْرُهُ) نُقِلَ تَصْحِيحُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْضًا (قَوْلُهُ أَيْ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ) هَذَا سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِيهِ رَكَاكَةٌ لِأَنَّهُ يَئُولَ إلَى قَوْلِنَا: افْتِرَاضُهَا وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ مَعَ أَنَّهَا فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>