نِصَابَهُ وَجَبَتْ
(وَشَرْطُ كَمَالِ النِّصَابِ) وَلَوْ سَائِمَةً (فِي طَرَفَيْ الْحَوْلِ) فِي الِابْتِدَاءِ لِلِانْعِقَادِ وَفِي الِانْتِهَاءِ لِلْوُجُوبِ (فَلَا يَضُرُّ نُقْصَانُهُ بَيْنَهُمَا) فَلَوْ هَلَكَ كُلُّهُ بَطَلَ الْحَوْلُ.
وَأَمَّا الدَّيْنُ فَلَا يَقْطَعُ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا
ــ
[رد المحتار]
فَإِنْ بَلَغَ كَانَ الْكُلُّ ذَهَبًا فَيُزَكِّي زَكَاةَ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُ أَعَزُّ وَأَغْلَى قِيمَةً، وَكَذَا لَوْ غَلَبَ الذَّهَبُ وَبَلَغَ بِضَمِّ الْفِضَّةِ إلَيْهِ نِصَابًا كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مَغْلُوبَةً فَهُوَ كُلُّهُ ذَهَبٌ إلَخْ وَهَذَا مَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ غَلَبَ الذَّهَبُ فَذَهَبٌ وَدَخَلَ فِي قَوْلِ الشُّمُنِّيِّ سَوَاءٌ كَانَ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا حُكِمَ بِالْمُسَاوَاةِ بِالْأُولَى، وَهُوَ مَفْهُومٌ أَيْضًا مِنْ إطْلَاقِ الزَّيْلَعِيِّ قَوْلُهُ إنْ بَلَغَ الذَّهَبُ نِصَابَ الذَّهَبِ إلَخْ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ وَلَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، لَكِنَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ غَالِبَةً لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ إذَا بَلَغَتْ وَحْدَهَا نِصَابًا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ غَالِبَةً عَلَى الذَّهَبِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشُّمُنِّيُّ، وَكَأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ ذَكَرَهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مَغْلُوبَةً، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَافْهَمْ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ غَالِبَةً وَالذَّهَبُ مَغْلُوبًا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الثُّلُثَانِ فِضَّةً أَوْ أَكْثَرَ لَا يُجْعَلُ كُلُّهُ فِضَّةً؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ أَكْثَرُ قِيمَةً فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ تَبَعًا لِمَا هُوَ دُونَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الذَّهَبُ غَالِبًا اهـ.
وَمُفَادُهُ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَلَغَتْ الْفِضَّةُ نِصَابًا وَلَمْ يَبْلُغْ الذَّهَبُ نِصَابَهُ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِضَّةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الذَّهَبُ الَّذِي خَالَطَهَا أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْهَا وَإِلَّا كَانَ الْكُلُّ ذَهَبًا، وَهَذَا التَّفْصِيلُ الْمَوْعُودُ بِذِكْرِهِ، وَفِي عِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ الْمَارَّةِ إشَارَةٌ إلَيْهِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ الصُّورَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ مِنْ السَّبْعِ: وَهُمَا مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصَابَهُ مَعَ غَلَبَةِ الْفِضَّةِ أَوْ التَّسَاوِي، وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ دُخُولُهُمَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، فَإِنْ غَلَبَ الذَّهَبُ فَذَهَبٌ بِأَنْ يُرَادَ غَلَبَتَهُ عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ الْفِضَّةِ وَزْنًا أَوْ قِيمَةً، لَكِنْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ: الدَّنَانِيرُ الْغَالِبُ عَلَيْهَا الذَّهَبُ كَالْمَحْمُودِيَّةِ حُكْمُهَا حُكْمُ الذَّهَبِ وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا الْفِضَّةُ كَالْهَرَوِيَّةِ وَالْمَرْوِيَّةِ إنْ كَانَتْ ثَمَنًا رَائِجًا أَوْ لِلتِّجَارَةِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا وَإِلَّا يُعْتَبَرُ قَدْرُ مَا فِيهَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَزْنًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَخْلُصُ بِالْإِذَابَةِ. اهـ.
وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الدَّنَانِيرَ الْمَسْكُوكَةَ الْمَخْلُوطَةَ بِالْفِضَّةِ حُكْمُهَا كَحُكْمِ الْفِضَّةِ الْمَخْلُوطَةِ بِالْغِشِّ، فَإِذَا كَانَ الذَّهَبُ فِيهَا غَالِبًا كَانَتْ ذَهَبًا كَالْفِضَّةِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْغِشِّ، وَإِذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ غَالِبَةً عَلَيْهَا كَانَتْ كَالْفِضَّةِ الْمَغْلُوبَةِ بِالْغِشِّ فَتُقَوَّمُ، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا زَكَّاهَا إنْ كَانَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً أَوْ نَوَى فِيهَا التِّجَارَةَ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مَا فِيهَا وَزْنًا، فَإِنْ بَلَغَ مَا فِيهَا نِصَابًا أَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا تَتِمُّ بِهِ نِصَابًا زَكَّاهَا وَإِلَّا فَلَا فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ وَالشُّمُنِّيِّ فِي غَيْرِ الدَّنَانِيرِ الْمَسْكُوكَةِ أَوْ الْمَسْكُوكَةِ الَّتِي لَيْسَتْ لِلتِّجَارَةِ وَلَا أَثْمَانًا رَائِجَةً أَوْ هُوَ قَوْلٌ آخَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ كَمَالِ النِّصَابِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا، لِمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، لَوْ كَانَ لَهُ غَنْمٌ لِلتِّجَارَةِ تُسَاوِي نِصَابًا فَمَاتَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ فَدَبَغَ جُلُودَهَا وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَيْهَا كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا، وَلَوْ تَخَمَّرَ عَصِيرُهُ الَّذِي لِلتِّجَارَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ صَارَ خَلًّا وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ فِي الْأَوَّلِ بَاقٍ لِبَقَاءِ الْجِلْدِ لِتَقَوُّمِهِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي الثَّانِي أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِلِانْعِقَادِ) أَيْ انْعِقَادِ السَّبَبِ أَيْ تَحَقُّقِهِ بِتَمَلُّكِ النِّصَابِ ط (قَوْلُهُ: لِلْوُجُوبِ) أَيْ لِتَحَقُّقِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ ط (قَوْلُهُ: فَلَوْ هَلَكَ كُلُّهُ) أَيْ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بَطَلَ الْحَوْلُ، حَتَّى لَوْ اسْتَفَادَ فِيهِ غَيْرَهُ اسْتَأْنَفَ لَهُ حَوْلًا جَدِيدًا وَتَقَدَّمَ حُكْمُ هَلَاكِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمِنْهُ أَيْ مِنْ الْهَلَاكِ مَا لَوْ جَعَلَ السَّائِمَةَ عَلُوفَةً؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْوَصْفِ كَزَوَالِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الدَّيْنُ إلَخْ) قَدَّمَ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مُكَاتَبٍ وَمَدْيُونٍ لِلْعَبْدِ بِقَدْرِ دَيْنِهِ أَنَّ عُرُوضَ الدَّيْنِ كَالْهَلَاكِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ. اهـ. وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ تَرْجِيحَ مَا هُنَا فَرَاجِعْهُ، وَالْخِلَافُ فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ لِلنِّصَابِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ؛ فَلَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا فِي الْبَحْرِ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَغْرِقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute