للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقِيمَةُ الْعَرَضِ) لِلتِّجَارَةِ (تُضَمُّ إلَى الثَّمَنَيْنِ) لِأَنَّ الْكُلَّ لِلتِّجَارَةِ وَضْعًا وَجُعِلَا (وَ) يُضَمُّ (الذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ) وَعَكْسُهُ بِجَامِعِ الثَّمَنِيَّةِ (قِيمَةً) وَقَالَا بِالْإِجْزَاءِ، فَلَوْ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ تَجِبُ سِتَّةٌ عِنْدَهُ وَخَمْسَةٌ عِنْدَهُمَا

ــ

[رد المحتار]

فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الْعَرَضِ إلَخْ) تَقَدَّمَ قَرِيبًا تَقْوِيمُ الْعَرَضِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا، وَمَا هُنَا فِي بَيَانِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ. وَعِنْدَهُ مِنْ الثَّمَنَيْنِ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ.

وَفِي النَّهْرِ قَالَ الزَّاهِدِيُّ: وَلَهُ أَنْ يُقَوِّمَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ وَيَضُمَّهُ إلَى قِيمَةِ الْعُرُوضِ عِنْدَ الْإِمَامِ. وَقَالَا: لَا يُقَوَّمُ النَّقْدَيْنِ بَلْ الْعُرُوض وَيَضُمُّهَا. وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَنْ لَهُ حِنْطَةٌ لِلتِّجَارَةِ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهَا (قَوْلُهُ وَضْعًا) رَاجِعٌ لِلثَّمَنَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَجَعْلًا رَاجِعٌ لِلْعَرَضِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الثَّمَنَيْنِ وَوَضَعَهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَالْعَبْدُ يَجْعَلُ الْعَرَضَ لِلتِّجَارَةِ. اهـ. ح أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا إذَا نَوَى بِهِ الْعَبْدُ التِّجَارَةَ بِخِلَافِ النُّقُودِ (قَوْلُهُ وَيَضُمُّ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. أَمَّا عِنْدَ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا فَلَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ إجْمَاعًا بَدَائِعُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَزْنُهُ أَدَاءً وَوُجُوبًا كَمَا مَرَّ. وَفِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الضَّمِّ إذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ، فَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا نِصَابًا تَامًّا بِدُونِ زِيَادَةٍ لَا يَجِبُ الضَّمُّ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ زَكَاتَهُ، فَلَوْ ضَمَّ حَتَّى يُؤَدِّيَ كُلَّهُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّقْوِيمُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ رَوَاجًا وَإِلَّا يُؤَدِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا رُبُعَ عُشْرِهِ (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) وَهُوَ ضَمُّ الْفِضَّةِ إلَى الذَّهَبِ، وَكَذَا يَصِحُّ الْعَكْسُ فِي قَوْلِهِ وَقِيمَةُ الْعَرَضِ تُضَمُّ إلَى الثَّمَنَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ أَيْضًا؛ وَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ بِجَامِعِ الثَّمَنِيَّةِ لَصَحَّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِي عَكْسِهِ إلَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَيُمْكِنُ إرْجَاعُهُ إلَيْهِ وَلَا يَضُرُّهُ بَيَانٌ فِي الْعِلَّةِ فِي أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: قِيمَةً) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ، فَمَنْ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ مَثَاقِيلَ قِيمَتُهَا مِائَةٌ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَةٌ وَقِيمَتُهُ بِصِيَاغَتِهِ مِائَتَانْ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ وَالصَّنْعَةَ فِي أَمْوَالِ الرِّبَا لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَ انْفِرَادِهَا وَلَا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ ضَمِّ الْأَقَلِّ إلَى الْأَكْثَرِ كَمَا مَرَّ، وَعَكْسُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ دَنَانِيرَ لَا تُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا تَجِبُ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُ وَيُضَمُّ الْأَكْثَرُ إلَى الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّ الْمِائَةَ وَالْخَمْسِينَ بَخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِتَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا يُضَمُّ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ قِيمَةً ط عَنْ الْبَحْرِ.

قُلْت: وَمِنْ ضَمِّ الْأَكْثَرِ إلَى الْأَقَلِّ مَا فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْفِضَّةُ كُلَّ خَمْسَةٍ مِنْهَا بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَا بِالْأَجْزَاءِ) فَإِنْ كَانَ مِنْ هَذَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ نِصَابٍ وَمِنْ الْآخَرِ رُبُعٌ ضُمَّ، أَوْ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ أَوْ الثُّلُثُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَانِ مِنْ الْآخَرِ، فَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ بِحِسَابِهِ، حَتَّى إنَّهُ فِي صُورَةِ الشَّارِحِ يُخْرِجُ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ رُبُعَ عُشْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَخَمْسَةٌ عِنْدَهُمَا) تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ النَّهْرِ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ عِنْدَهُمَا الضَّمُّ بِالْأَجْزَاءِ يَجِبُ فِي كُلٍّ نِصْفُ رُبُعِ عُشْرِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ، وَعَزَاهُ إلَى الْمُحِيطِ، وَحِينَئِذٍ فَيُخْرِجُ عَنْ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ الَّتِي قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ رُبُعَ دِينَارٍ مِنْهَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ، فَإِذَا أَرَادَ دَفْعَ قِيمَتِهِ يَكُونُ الْوَاجِبُ سِتَّةَ دَرَاهِمَ عِنْدَهُمَا أَيْضًا.

لَا يُقَالُ: إنَّ اعْتِبَارَ الضَّمِّ بِالْأَجْزَاءِ: أَيْ بِالْوَزْنِ عِنْدَهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِلْجَوْدَةِ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا شَرْعًا فَلَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بَلْ الْوَزْنُ، وَالدِّينَارُ فِي الشَّرْعِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَزِيَادَةُ قِيمَتِهِ هُنَا لِلْجَوْدَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>