فَافْهَمْ.
(وَلَا تَجِبُ) الزَّكَاةُ عِنْدَنَا (فِي نِصَابٍ) مُشْتَرَكٍ (مِنْ سَائِمَةٍ) وَمَالِ تِجَارَةٍ (وَإِنْ صَحَّتْ الْخُلْطَةُ فِيهِ) بِاتِّحَادِ أَسْبَابِ الْإِسَامَةِ التِّسْعَةِ الَّتِي يَجْمَعُهَا أَوْصِ مَنْ يَشْفَعُ وَبَيَانُهُ فِي شُرُوحِ الْمَجْمَعِ وَإِنْ تَعَدَّدَ النِّصَابُ تَجِبُ إجْمَاعًا، وَيَتَرَاجَعَانِ بِالْحِصَصِ، وَبَيَانُهُ فِي الْحَاوِي، فَإِنْ بَلَغَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا نِصَابًا زَكَّاهُ دُونَ الْآخَرِ؛ وَلَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَمَانِينَ رَجُلًا ثَمَانُونَ شَاةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُقْسَمُ خِلَافًا لِلثَّانِي سِرَاجٌ.
ــ
[رد المحتار]
؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ الْجَوْدَةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ؛ أَمَّا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِخِلَافِهِ فَتُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْمُعْتَبَرُ وَزْنُهُمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَافْهَمْ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْكَافِي مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ تَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ لَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عِنْدَهُ ظَنًّا أَنَّ إيجَابَ الزَّكَاةِ فِيهَا لِتَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ لَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ بَلْ الْإِيجَابُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مِنْ جِهَةِ كُلٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ لَا مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَتِمَّ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ يَتِمُّ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ وَالْمِائَةُ دِرْهَمٍ فِي الْمَسْأَلَةِ مُقَوَّمَةٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِهَذَا التَّقْوِيمِ ط وَتَمَامُ بَيَانِهِ فِي الْبَحْرِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.
(قَوْلُهُ: فِي نِصَابٍ مُشْتَرَكٍ) الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ بُلُوغُهُ النِّصَابَ بِسَبَبِ الِاشْتِرَاكِ وَضَمِّ أَحَدِ الْمَالَيْنِ إلَى الْآخَرِ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ مَالُ كُلٍّ مِنْهَا بِانْفِرَادِهِ نِصَابًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَحَّتْ الْخُلْطَةُ فِيهِ) أَيْ فِي النِّصَابِ الْمَذْكُورِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى خِلَافِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهَا تَجِبُ عِنْدَهُ إذَا صَحَّتْ الْخُلْطَةُ وَصِحَّتُهَا عِنْدَهُ بِالشُّرُوطِ التِّسْعَةِ الْآتِيَةِ، وَلِذَا قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِاتِّحَادٍ إلَخْ فَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الشُّرُوطُ لَا تَجِبُ عِنْدَنَا بِالْأَوْلَى وَسَمَّاهَا أَسْبَابًا مَعَ أَنَّهَا شُرُوطٌ إطْلَاقًا لِاسْمِ السَّبَبِ عَلَى الشَّرْطِ كَمَا أَطْلَقَ بِالْعَكْسِ وَقَدَّمْنَا وَجْهَهُ أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ مِلْكِ نِصَابٍ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: أَوْصِ مَنْ يَشْفَعُ) فَالْهَمْزَةُ لِأَهْلِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالْوَاوُ لِوُجُودِ الِاخْتِلَاطِ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، الصَّادُ لِقَصْدِ الِاخْتِلَاطِ، وَالْمِيمُ لِاتِّحَادِ الْمَسْرَحِ بِأَنْ يَكُونَ ذَهَابُهُمَا إلَى الْمَرْعَى مِنْ مَكَان وَاحِدٍ، وَالنُّونُ لِاتِّحَادِ الْإِنَاءِ الَّذِي يُجْلَبُ فِيهِ، وَالْيَاءُ لِاتِّحَادِ الرَّاعِي، وَالشِّينُ الْمُعْجَمَةِ لِاتِّحَادِ الْمَشْرَعِ: أَيْ مَوْضِعِ الشُّرْبِ، وَالْفَاءُ لِاتِّحَادِ الْفَحْلِ. وَالْعَيْنُ لِاتِّحَادِ الْمَرْعَى، وَهَذِهِ شُرُوطُ الْخُلْطَةِ فِي السَّائِمَةِ.
وَأَمَّا شُرُوطُهَا فِي مَالِ التِّجَارَةِ فَمَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ: مِنْهَا أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ الدُّكَّانُ وَالْحَارِثُ وَمَكَانُ الْحِفْظِ كَخِزَانَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَ النِّصَابُ) أَيْ بِحَيْثُ يَبْلُغُ قَبْلَ الضَّمِّ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ نِصَابًا فَإِنَّهُ يَجِبُ حِينَئِذٍ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا زَكَاةُ نِصَابِهِ، فَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي زَكَاةَ النِّصَابَيْنِ مِنْ الْمَالَيْنِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ.
كَمَا لَوْ كَانَ ثَمَانِينَ شَاةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ وَأَخَذَ السَّاعِي مِنْهُمَا شَاتَيْنِ وَإِلَّا تَرَاجَعَا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِي نِصَابٍ (قَوْلُهُ وَبَيَانُهُ فِي الْحَاوِي) بَيَّنَهُ قَاضِي خَانْ بِأَتَمَّ مِمَّا فِي الْحَاوِي حَيْثُ قَالَ: صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا مِائَةٌ وَثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ شَاةً لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ فَالْوَاجِبُ شَاتَانِ، فَيَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةً، فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ مِنْ الشَّاةِ الَّتِي دَفَعَهَا صَاحِبُ الثُّلُثِ.
وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِالثُّلُثِ مِنْ شَاةٍ دَفَعَهَا صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ، فَيُقَامُ ثُلُثُهُ فِي مَقَامِ ثُلُثٍ مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْمُطَالَبِ بِهِمَا وَيَبْقَى ثُلُثُ شَاةٍ، فَيُطَالِبُ بِهِ صَاحِبَ ثُلُثَيْ الْمَالِ. اهـ. ط وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ التَّرَاجُعَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَالتَّفَاعُلُ عَلَى بَابِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَ إلَخْ) كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَمَانُونَ شَاةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَثْلَاثًا فَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهَا شَاةً لِزَكَاةِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ فَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ مُحِيطٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَيْنَهُ إلَخْ) فِي التَّجْنِيسِ: ثَمَانُونَ شَاةً بَيْنَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ شَاةٍ نِصْفُهَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْبَاقِينَ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ صَدَقَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُقْسَمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَفِي الْأُولَى لَا يُقْسَمُ اهـ أَيْ لِأَنَّ قِسْمَةَ كُلِّ شَاةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute