للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا مَرَّ؛ وَلَوْ أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَدْيُونَ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ قَوِيًّا أَوْ لَا خَانِيَّةٌ، وَقَيَّدَهُ فِي الْمُحِيطِ بِالْمُعْسِرِ.

أَمَّا الْمُوسِرُ فَهُوَ اسْتِهْلَاكٌ فَلْيُحْفَظْ بَحْرٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْإِطْلَاقِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الضَّعِيفِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَيَجِبُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (زَكَاةُ نِصْفِ مَهْرٍ) مِنْ نَقْدٍ (مَرْدُودٍ بَعْدَ) مُضِيِّ

ــ

[رد المحتار]

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالضَّعِيفِ عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ، إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ قَوْلِهِمْ وَالْمُسْتَفَادُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ يُضَمُّ إلَى نِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْبَدَائِعِ قَسَمَ الدَّيْنَ إلَى ثَلَاثَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْمَقْبُوضِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَكُنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: إنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَى الدَّيْنِ وَإِلَّا فَمَا قَبَضَ مِنْهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَفَادِ فَيُضَمُّ إلَى مَا عِنْدَهُ. اهـ.

وَكَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الدُّيُونَ الثَّلَاثَةَ وَفَرَّعَ عَلَيْهَا فُرُوعًا آخِرُهَا أُجْرَةُ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ لِلتِّجَارَةِ قَالَ: إنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ: فِي رِوَايَةٍ لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تُقْبَضَ وَيَحُولَ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ بِمَالٍ حَقِيقَةً فَصَارَ كَالْمَهْرِ.

وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ وَيَجِبُ الْأَدَاءُ إذَا قَبَضَ نِصَابًا؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَالٌ حَقِيقَةً، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ نِصَابًا إذْ لَا تَبْقَى سَنَةً، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُ مَا قَبَضَ فَهُوَ كَالْفَائِدَةِ فَيُضَمُّ إلَيْهِ. اهـ.

فَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي شُمُولِهِ لِأَقْسَامِ الدَّيْنِ الثَّلَاثَةِ، وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالضَّعْفِ لَيَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ نِصَابًا مَعَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَإِذَا كَانَ يُضَمُّ إلَى مَا عِنْدَهُ وَيَسْقُطُ اشْتِرَاطُ الْحَوْلِ الْجَدِيدِ، فَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ يُضَمُّ بِالْأَوْلَى تَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ] مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْمُحِيطِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أُجْرَةَ عَبْدِ التِّجَارَةِ أَوْ دَارِ التِّجَارَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ الضَّعِيفِ وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ.

وَوَقَعَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ كَالْقَوِيِّ فِي صَحِيحِ الرِّوَايَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ فِيهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْمُسْتَفَادُ فِي وَسَطِ الْحَوْلِ يُضَمُّ إلَى نِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا هُنَا مِنْ أَفْرَادِ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ يُعْلَمُ حُكْمُهُ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ هُنَاكَ.

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) أَيْ قَيَّدَ عَدَمَ الزَّكَاةِ فِيمَا إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدْيُونَ ط (قَوْلُهُ: بِالْمُعْسِرِ) أَيْ بِالْمَدْيُونِ الْمُعْسِرِ فَكَانَ الْإِبْرَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ ط.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ اسْتِهْلَاكٌ) أَيْ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ ط.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ الْبَحْرُ، وَقَيَّدَهُ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ قَوِيًّا أَوْ لَا الشَّامِلُ لِأَقْسَامِ الدَّيْنِ الثَّلَاثَةِ: أَيْ أَنَّ سُقُوطَ الزَّكَاةِ بِإِبْرَاءِ الْمُوسِرِ عَنْهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فِي الدُّيُونِ الثَّلَاثَةِ مُقَيَّدٌ بِالْمُعْسِرِ احْتِرَازًا عَنْ الْمُوسِرِ، فَإِنَّ الْمَدْيُونَ إذَا كَانَ مُوسِرًا أَوْ أَبْرَأَهُ الدَّائِنُ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الدَّيْنِ الضَّعِيفِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ زَكَاتُهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ نِصَابٍ وَحَوَلَانِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَقَبْلَهُ لَا تَجِبُ، فَيَكُونُ إبْرَاؤُهُ اسْتِهْلَاكًا قَبْلَ الْوُجُوبِ فَلَا يَضْمَنُ زَكَاتَهُ وَمِثْلُهُ الدَّيْنِ الْمُتَوَسِّطُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْبَدَائِعِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ. وَكَانَ الْأَوْضَحُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ إبْرَاءَ الْمَدْيُونِ الْمُوسِرِ اسْتِهْلَاكٌ مُطْلَقًا وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَخْ.

ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ الْمُحِيطِ لَا غُبَارَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا فِي الدَّيْنِ الْقَوِيِّ.

وَنَصُّهَا وَلَوْ بَاعَ عَرَضَ التِّجَارَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَالْمُشْتَرِي مُوسِرٌ يَضْمَنُ الزَّكَاةَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ لَا يَدْرِي فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَهُوَ فَقِيرٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ مِنْهُ، وَلَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ مِمَّنْ عَلَيْهِ وَهُوَ فَقِيرٌ تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةٌ. اهـ.

وَفِيهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَلْفٌ عَلَى مُعْسِرٍ فَاشْتَرَى مِنْهُ بِهَا دِينَارًا ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ زَكَاةٌ لِأَلْفٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا لَهَا بِالدِّينَارِ

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا إلَخْ) صُورَتُهَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ وَقَبَضْتهَا وَحَالَ الْحَوْلُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهَا رَدُّ نِصْفِهَا اتِّفَاقًا لَكِنَّ زَكَاةَ النِّصْفِ الْمَرْدُودِ لَا تَسْقُطُ عَنْهَا خِلَافًا لِزُفَرَ شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ نَقْدٍ) هُوَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>