للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَهُ سَعْدِيٌّ أَيْ عَلَمُ جِنْسٍ (هُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ) بِهَذَا يُعْلَمُ حُرْمَةُ تَوْلِيَةِ الْيَهُودِ عَلَى الْأَعْمَالِ (غَيْرُ هَاشِمِيٍّ) لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الزَّكَاةِ (قَادِرٌ عَلَى الْحِمَايَةِ) مِنْ اللُّصُوصِ وَالْقُطَّاعِ

ــ

[رد المحتار]

الرِّكَازِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ عَشَرْت الْقَوْمَ أَعْشُرُهُمْ عُشْرًا بِالضَّمِّ فِيهِمَا إذَا أَخَذْت عُشْرَ أَمْوَالِهِمْ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ سَعْدِيٌّ) أَيْ فِي حَاشِيَةِ الْعِنَايَةِ حَيْثُ قَالَ الْمَأْخُوذُ هُوَ رُبُعُ الْعُشْرِ لَا الْعُشْرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَطْلَقَ الْعُشْرَ، وَأَرَادَ بِهِ رُبُعَهُ مَجَازًا مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ جُزْئِهِ أَوْ يُقَالُ الْعُشْرُ صَارَ عَلَمًا لِمَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ عُشْرًا لُغَوِيًّا أَوْ رُبُعَهُ أَوْ نِصْفَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ الْعَاشِرُ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَحْوَالِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. وَفَسَّرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلنَّهْرِ بِالْعَلَمِ الْجِنْسِيِّ إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَمَ شَخْصٍ، وَالْأَقْرَبُ كَوْنُهُ اسْمَ جِنْسٍ شَرْعِيٍّ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى عَلَمِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمَّا رَأَوْا الْعَرَبَ فَرَّقَتْ بَيْنَ أُسَامَةَ وَأَسَدٍ الْمَوْضُوعَيْنِ لِمَاهِيَّةِ الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ بِإِجْرَائِهِمْ أَحْكَامَ الْأَعْلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ نَحْوِ مَنْعِ الصَّرْفِ، وَجَوَازِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْهُ، وَعَدَمِ دُخُولِ أَلْ عَلَيْهِ حَكَمُوا عَلَى الْأَوَّلِ بِالْعَلَمِيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ دُونَ الثَّانِي، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِقَيْدِ الِاسْتِحْضَارِ عِنْدَ الْوَضْعِ، وَعَدَمِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي مَحَلِّهِ وَلَيْسَ هُنَا مَا يَقْتَضِي عَلَمِيَّةِ الْعُشْرِ حَتَّى يَعْدِلَ عَنْ تَنْكِيرِهِ الْأَصْلِيِّ عَلَى أَنَّ ادِّعَاءَ التَّصَرُّفِ وَالنَّقْلِ فِي الْعُشْرِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ ادِّعَائِهِ فِي الْعَاشِرِ، بَلْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ هُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنْ التُّجَّارِ أَنَّ الْعَاشِرَ اسْمٌ لِذَلِكَ نُقِلَ شَرْعًا إلَيْهِ إذْ لَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ وَقَعَ فِي الْعُشْرِ لَكَانَ حَقُّهُ بَيَانَ مَعْنَى الْعُشْرِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ لَا بَيَانُ الْعَاشِرِ أَوْ يُبَيِّنُ كُلًّا مِنْهُمَا فَيَقُولُ هُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِيَأْخُذَ الْعُشْرَ الشَّامِلَ لِرُبُعِهِ وَنِصْفِهِ وَأَيْضًا فَالْمُتَعَارَفُ إطْلَاقُ الْعَاشِرِ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ الْعُشْرَ وَغَيْرَهُ دُونَ إطْلَاقِ الْعُشْرِ عَلَى نِصْفِهِ وَرُبُعِهِ فَتَأَمَّلْ وَأَجَابَ فِي النِّهَايَةِ وَتَبِعَهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَأْخُذُ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ رُبُعَهُ سُمِّيَ عَاشِرَ الدَّوْرِ أَنَّ اسْمَ الْعُشْرِ فِي مُتَعَلِّقِ أَخْذِهِ وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْكَافِرِ فِي وَلَايَةٍ (قَوْلُهُ: هُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِعَدَمِ الْوَلَايَةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْآيَةِ بَحْرٌ عَنْ الْغَايَةِ وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ قَوْله تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] (قَوْلُهُ: بِهَذَا إلَخْ) أَيْ بِاشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، زَادَ فِي الْبَحْرِ وَلَا شَكَّ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ أَيْضًا اهـ: أَيْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَعْظِيمَهُ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى حُرْمَةِ تَعْظِيمِهِ بَلْ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ أَيْ الْعَاشِرِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَظْلِمُ كَزَمَانِنَا وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ حُرْمَةُ تَوْلِيَةِ الْفَسَقَةِ فَضْلًا عَنْ الْيَهُودِ وَالْكَفَرَةِ. اهـ.

قُلْت: وَذَكَرَ فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَا تَتَّخِذْ أَحَدًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَاتِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ فِي دِينِهِمْ وَلَا رِشْوَةَ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ فَإِنَّ الْوَالِيَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: ١١٨] . اهـ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الزَّكَاةِ) أَيْ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَصَارِفِ، فَيُعْطَى كِفَايَتَهُ مِنْهُ نَظِيرَ عَمَلِهِ وَلِذَا لَوْ هَلَكَ مَا جَمَعَهُ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الزَّيْلَعِيِّ، فَكَانَ فِيهِ شَبَهُ الْأُجْرَةِ وَشَبَهُ الصَّدَقَةِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ أَعْنِي كَوْنَهُ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْغَايَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا فِي بَابِ الْمَصْرِفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ الْهَاشِمِيُّ عَلَى الصَّدَقَةِ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا وَلَوْ عَمِلَ وَرُزِقَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ. اهـ.

وَمُرَادُهُ بِلَا يَنْبَغِي لَا يَحِلُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ هُنَاكَ، وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي جَوَازِ نَصْبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>