للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَمَنْ أَنْكَرَ تَمَامَ الْحَوْلِ أَوْ قَالَ) لَمْ أَنْوِ التِّجَارَةَ أَوْ (عَلَيَّ دَيْنٌ) مُحِيطٌ أَوْ مُنْقِصٌ لِلنِّصَابِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ زَكَاةً مِعْرَاجٍ، وَهُوَ الْحَقُّ بَحْرٌ وَلِذَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ (أَوْ) قَالَ (أَدَّيْت إلَى عَاشِرٍ آخَرَ وَكَانَ) عَاشِرٌ آخَرُ مُحَقِّقٌ (أَوْ) قَالَ (أَدَّيْت إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ) لَا بَعْدَ الْخُرُوجِ لِمَا يَأْتِي (وَحَلَفَ صُدِّقَ) فِي الْكُلِّ بِلَا إخْرَاجِ بَرَاءَةٍ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[رد المحتار]

لَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُنَصِّبُ الْمَكَّاسِينَ لِقَبْضِ الزَّكَاةِ بَلْ لِأَخْذِ عُشُورَاتِ مَالٍ وَجَدُوهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَا اهـ وَتَمَامُهُ هُنَاكَ.

قُلْت: عَلَى أَنَّهُ الْيَوْمَ صَارَ الْمُكَّاسُ يُقَاطِعُ الْإِمَامَ بِشَيْءٍ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَصِيرُ يَأْخُذُ مَا يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ وَلَوْ مَرَّ التَّاجِرُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُكَّاسٍ آخَرَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِرَارًا مُتَعَدِّدَةً، وَلَوْ كَانَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْعَاشِرَ الَّذِي يُنَصِّبُهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنْ الْمَارِّينَ وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ: أَنْ يَأْمَنَ بِهِ التُّجَّارُ مِنْ اللُّصُوصِ، وَيَحْمِيَهُمْ مِنْهُمْ وَهَذَا يَقْعُدُ عَلَى أَبْوَابِ الْبَلْدَةِ، وَيُؤْذِي التُّجَّارَ أَكْثَرَ مِنْ اللُّصُوصِ، وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَيَأْخُذُهُ مِنْهُمْ قَهْرًا وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا نَوَى أَنْ يَكُونَ الْمَكْسُ زَكَاةً فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الزَّكَاةِ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ. اهـ.

وَأَشَارَ بِالصَّحِيحِ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إذَا نَوَى عِنْدَ الدَّفْعِ التَّصَدُّقَ عَلَى الْمُكَّاسِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ التَّبِعَاتِ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ أَنْكَرَ تَمَامَ الْحَوْلِ) أَيْ عَلَى مَا فِي يَدِهِ وَعَلَى مَا فِي بَيْتِهِ فَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ مَالٌ آخَرُ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَمَا مَرَّ بِهِ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ، فَإِنَّ الْعَاشِرَ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ لِوُجُوبِ الضَّمِّ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ إلَّا لِمَانِعٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَمْ أَنْوِ التِّجَارَةَ) أَوْ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْمَالُ لِي بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ، أَوْ أَنَا أَجِيرٌ فِيهِ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ زَيْلَعِيٌّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَيْسَ فِي هَذَا الْمَالِ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ النَّفْيِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيَّ دَيْنٌ) أَيْ دَيْنٌ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّهُ الْمَانِعُ مِنْ وُجُوبِ النِّصَابِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ مِنْهُ دَيْنَ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ زَكَاةً) أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الدَّيْنِ مُحِيطًا أَوْ مُنْقِصًا لِلنِّصَابِ، وَالْمُرَادُ مَا يَأْخُذُهُ مِنَّا أَوْ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ فَيُعْطَى حُكْمَ الزَّكَاةِ هُنَا وَإِنْ كَانَ جِزْيَةً وَيُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَقُّ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ تَعْمِيمِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ: مُحِيطٌ أَوْ مُنْقِصٌ؛ لِأَنَّ الْمُنْقِصَ لِلنِّصَابِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ، فَلَا فَرْقَ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ بَحْرٌ وَهُوَ رَدٌّ عَلَى مَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ وَغَايَةُ الْبَيَانِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْمُحِيطِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا أَرَادَا بِهِ الِاحْتِرَازَ عَمَّا لَا يَفْضُلُ عَنْهُ نِصَابٌ لَا عَنْ الْمُنْقِصِ أَيْضًا، فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ الْكَنْزِ كَإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ وَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمَنْطُوقَ لَا يُعَارِضُهُ الْمَفْهُومُ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ التَّصْرِيحِ فِي الْمِعْرَاجِ، بِخِلَافِ هَذَا الْمَنْطُوقِ وَمِنْ تَأْوِيلِهِ بِمَا ذَكَرْنَا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: مُحَقَّقٌ) فَلَوْ لَمْ يَدْرِ هَلْ هُنَاكَ عَاشِرٌ أَمْ لَا لَمْ يُصَدَّقْ كَمَا فِي السِّرَاجِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ نَهْرٌ، وَالْمُرَادُ بِالْعَاشِرِ هُنَا عَاشِرُ أَهْلِ الْعَدْلِ فَلَوْ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ الْخَوَارِجِ عُشِّرَ ثَانِيًا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ أَدَّيْت إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ) ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ فِيهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الْخُرُوجِ) أَيْ لَوْ قَالَ: أَدَّيْت زَكَاتَهَا بَعْدَمَا أَخْرَجْتهَا مِنْ الْمَدِينَةِ، لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهَا بِالْإِخْرَاجِ الْتَحَقَتْ بِالْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ، فَكَانَ الْأَخْذُ فِيهَا إلَى الْإِمَامِ زَيْلَعِيٌّ، وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وَلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ لِلْإِمَامِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ إلَى الْمَفَازَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَدَّى بِنَفْسِهِ فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ فَقَدْ أَنْكَرَ ثُبُوتَ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ بَعْدَ إخْرَاجِهَا (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ) الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَلَا يَمِينَ فِيهَا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَلَهُ مُكَذِّبٌ، وَهُوَ الْعَاشِرُ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، فَيَحْلِفُ لِرَجَاءِ النُّكُولِ بِخِلَافِ بَاقِي الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُكَذِّبَ لَهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي إنْكَارِ تَمَامِ الْحَوْلِ، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) كَذَا فِي الْكَافِي

<<  <  ج: ص:  >  >>