للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَا) يُصَدَّقُ (حَرْبِيٌّ) فِي شَيْءٍ (إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ، وَقَوْلِهِ لِغُلَامٍ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ هَذَا وَلَدِي) لِفَقْدِ الْمَالِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يُولَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ وَعُشِّرَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ (وَ) إلَّا فِي (قَوْلِهِ أَدَّيْت إلَى عَاشِرٍ آخَرَ وَثَمَّةَ عَاشِرٌ آخَرُ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اسْتِئْصَالِ الْمَالِ جَزَمَ بِهِ مُنْلَا خُسْرو وَذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ تَبَعًا لِلسُّرُوجِيِّ بِلَفْظٍ: يَنْبَغِي كَذَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبَحْرِ، لَكِنْ جَزَمَ فِي الْعِنَايَةِ وَالْغَايَةِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِ وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ.

ــ

[رد المحتار]

أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسُوا مَصْرِفًا لَهَا وَلَيْسَ لَهُ وَلَايَةُ الصَّرْفِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا وَهُوَ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ زَيْلَعِيٌّ.

وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِجِزْيَةٍ بَلْ فِي حُكْمِهَا لِصَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهَا حَتَّى لَا تَسْقُطَ جِزْيَةُ رَأْسِهِ تِلْكَ السَّنَةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ اهـ.

قُلْت: صَرَّحَ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ بِأَنَّهُ جِزْيَةٌ حَقِيقَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا جِزْيَةٌ فِي مَالِهِ كَمَا يُسَمَّى خَرَاجُ أَرْضِهِ جِزْيَةً. وَعَلَيْهِ فَالْجِزْيَةُ أَنْوَاعٌ: جِزْيَةُ مَالٍ، وَجِزْيَةُ أَرْضٍ، وَجِزْيَةُ رَأْسٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِ بَعْضِهَا سُقُوطُ بَاقِيهَا كَمَا لَا يَخْفَى إلَّا فِي بَنِي تَغْلِبَ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِي مَالِهِمْ هُوَ جِزْيَةُ رُءُوسِهِمْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: إذَا أَخَذَ الْعَاشِرُ مَا عَلَيْهِمْ سَقَطَتْ عَنْهُمْ الْجِزْيَةُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ صَالَحَهُمْ مِنْ الْجِزْيَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ الْمُضَاعَفَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُصَدَّقُ حَرْبِيٌّ) أَيْ لَا يُلْتَفَت إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ ثَبَتَ صِدْقُهُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَفَادَهُ الْكَمَالُ ط.

(قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ) بَيَانٌ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَحْذُوفِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ أَيْ فِي شَيْءٍ مَا مَرَّ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي تَصْدِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَمْ يَتِمَّ الْحَوْلُ فَفِي الْأَخْذِ مِنْهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَهُ لِتَمَامِ الْحِمَايَةِ لِيَحْصُلَ النَّمَاءُ وَحِمَايَةُ الْحَرْبِيِّ تَتِمُّ بِالْأَمَانِ مِنْ السَّبْيِ، وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ دَيْنٌ فَمَا عَلَيْهِ فِي دَارِهِ لَا يُطَالَبُ بِهِ فِي دَارِنَا وَإِنْ قَالَ: الْمَالُ بِضَاعَةٌ فَلَا حُرْمَةَ لِصَاحِبِهَا وَلَا أَمَانَ، وَإِنْ قَالَ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ كَذَّبَهُ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَالَ أَدَّيْتهَا أَنَا كَذَّبَهُ اعْتِقَادُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ إلَخْ) فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي مَعَهُ أُمُّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِنَسَبِ مَنْ فِي يَدِهِ صَحِيحٌ فَكَذَا بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ نَهْرٌ.

وَعِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ إلَّا فِي الْجَوَارِي يَقُولُ: هُنَّ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِي. وَفِي الْبَحْرِ: فَلَوْ أَقَرَّ بِتَدْبِيرِ عَبْدِهِ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: لِغُلَامٍ) أَيْ لَيْسَ بِثَابِتِ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يُكَذِّبُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرُوا فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ ط (قَوْلُهُ: هَذَا وَلَدِي) فَلَوْ قَالَ أَخِي لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِنَسَبِهِ عَلَى الْأَبِ وَثُبُوتُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْدِيقِ الْأَبِ فَيُؤْخَذُ عُشْرُهُ كَذَا ظَهَرَ لِي، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.

نَعَمْ رَأَيْت فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ: لَوْ مَرَّ بِرَقِيقٍ فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَحْرَارٌ لَمْ يُعْشَرْ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَهُمْ أَحْرَارٌ وَإِلَّا فَقَدْ صَارُوا أَحْرَارًا بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الْمَالِيَّةِ) عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ وَالْأَخْذُ لَا يَجِبُ إلَّا مِنْ الْمَالِ ط عَنْ النَّهْرِ.

مَطْلَبٌ مَا يُؤْخَذُ مِنْ النَّصَارَى لِزِيَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَرَامٌ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ: مِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ مَا يَفْعَلُهُ الْعُمَّالُ الْيَوْمَ مِنْ الْأَخْذِ عَلَى رَأْسِ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ خَارِجًا عَنْ الْجِزْيَةِ حَتَّى يُمَكَّنَ مِنْ زِيَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (قَوْلُهُ: وَعُشِرَ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ أُخِذَ عُشْرُهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا وَلَدِي لِلْأَكْبَرِ مِنْهُ سِنًّا مَجَازٌ عَنْ هُوَ حُرٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْعَاشِرِ وَهُوَ أَخْذُ الْعُشْرِ لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ فِي حَقِّهِ حُكْمًا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اسْتِئْصَالِ الْمَالِ) عِلَّةٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ لَزِمَ أَنَّهُ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى عَاشِرٍ أَخَذَ مِنْهُ الْعُشْرَ فَيُؤَدِّي إلَى اسْتِئْصَالِ مَالِهِ أَيْ أَخْذِهِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: جَزَمَ بِهِ مُنْلَا خُسْرو) كَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبَحْرِ بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مُنْلَا شَيْخٍ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَهِيَ الصَّوَابُ.

فَإِنَّ عِبَارَةَ مُنْلَا خُسْرو كَعِبَارَةِ الْكَنْزِ الْآتِيَةِ وَالْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ الْبُخَارِيِّ الشَّهِيرِ بِمُنْلَا شَيْخٍ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى غُرَرُ الْأَذْكَارِ شَرْحُ دُرَرِ الْبِحَارِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْقُونَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْغَايَةُ) يَعْنِي غَايَةَ الْبَيَانِ للأتقاني وَإِلَّا فَالْغَايَةُ لِلسُّرُوجِيِّ وَهِيَ شَرْحُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ) أَيْ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنَّ كَلَامَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَحَقُّ مَا إلَيْهِ يُذْهَبُ. اهـ.

أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ مُقْتَضَى حَصْرِ صَاحِبِ الْكَنْزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>