للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأُخِذَ مِنَّا رُبُعُ عُشْرٍ وَمِنْ الذِّمِّيِّ) سَوَاءٌ كَانَ تَغْلِيبِيًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (ضَعَّفَهُ وَمِنْ الْحَرْبِيِّ عُشْرٌ) بِذَلِكَ أَمَرَ عُمَرُ (بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَالِ) لِكُلِّ وَاحِدٍ (نِصَابًا) لِأَنَّ مَا دُونَهُ عَفْوٌ (وَ) بِشَرْطِ (جَهْلِنَا) قَدْرَ (مَا أَخَذُوا مِنَّا، فَإِنْ عُلِمَ أُخِذَ مِثْلُهُ) مُجَازَاةً إلَّا إذَا أَخَذُوا الْكُلَّ فَلَا نَأْخُذُهُ بَلْ نَتْرُكُ لَهُ مَا يُبَلِّغُهُ مَأْمَنَهُ إبْقَاءً لِلْأَمَانِ.

ــ

[رد المحتار]

بِقَوْلِهِ: لَا الْحَرْبِيُّ إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ وَكَذَا عِبَارَةُ الدُّرَرِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِمُحَرِّرِ الْمَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ: فَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَذْهَبِ النَّاقِلُونَ لِكَلَامِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ.

وَأَمَّا السُّرُوجِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالْعَيْنِيِّ وَالزَّيْلَعِيِّ وَشَارِحِ دُرَرِ الْبِحَارِ فَقَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْبَحْثِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ يَنْبَغِي فَافْهَمْ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ وَغَيْرُهُ يُعْلَمُ حُكْمُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ غَيْرُهُمْ أَيْضًا وَهُوَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا أُخِذَ مِنْ الْحَرْبِيِّ مَرَّةً لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا إلَخْ، وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَدَّقْ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى اسْتِئْصَالِ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا يَجِيءُ. اهـ.

فَالْحَصْرُ فِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا إضَافِيٌّ صَرَّحَ فِيهِ بِأَحَدِ الْمُسْتَثْنَيَيْنِ وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ بَعْدَ وَكَمْ لَهُ مِنْ نَظِيرٍ، فَلَمْ يَكُنْ كَلَامُ السُّرُوجِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مُخَالِفًا لِلْمَذْهَبِ، بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ لَهُ عَلَى مَا هُوَ عَادَةُ الشُّرَّاحِ مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَبَيَانِ الْمُجْمَلِ وَإِظْهَارِ الْخَفِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ فَهُوَ جَرْيٌ عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ، فَإِنْ كَانَ صَرِيحُهُ مَنْقُولًا عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَالتَّحْقِيقُ خِلَافُهُ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنَّا إلَخْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ الْعِبَارَةِ ط وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُسْلِمِ زَكَاةٌ وَمِنْ غَيْرِهِ جِزْيَةً يُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهَا، وَلَكِنْ تُرَاعَى فِيهِ شُرُوطُ الزَّكَاةِ مِنْ الْحَوْلِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَدَّمْنَا (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَمَرَ عُمَرُ سُعَاتَهُ ط (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا دُونَهُ عَفْوٌ) أَمَّا فِي الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْحَرْبِيِّ فَلِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى الْحِمَايَةِ لِقِلَّتِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ جَهْلِنَا إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِالْحَرْبِيِّ فَقَطْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ مَا أَخَذُوا مِنَّا أَيْ أَهْلُ الْحَرْبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَيْسَ فِي عَطْفِهِ عَلَى مَا يَعُمُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ إبْهَامٌ أَصْلًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: قَدْرَ مَا أَخَذُوا مِنَّا) قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ: ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ مَعْلُومٌ وَالْمَأْخُوذَ مَجْهُولٌ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْأَخْذِ مَعْلُومًا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ.

قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إنَاطَةِ صَاحِبِ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ عَدَمُ الْأَخْذِ مِنْهُمْ بِمَعْرِفَةِ عَدَمِ الْأَخْذِ مِنَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَصْلِ الْأَخْذِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يَظْهَرُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: مُجَازَاةً) أَيْ الْأَخْذُ بِكَمِّيَّةٍ خَاصَّةٍ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ لَا أَصْلُ الْأَخْذِ فَإِنَّهُ حَقٌّ مِنَّا وَبَاطِلٌ مِنْهُمْ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ دُخُولَهُ فِي الْحِمَايَةِ أَوْجَبَ حَقَّ الْأَخْذِ مِنْهُمْ ثُمَّ إنْ عُرِفَ كَمِّيَّةُ مَا يَأْخُذُونَ مِنَّا أَخَذْنَا مِنْهُمْ مِثْلَهُ مُجَازَاةً إلَّا إذَا عُرِفَ أَخْذُهُمْ الْكُلَّ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَمِّيَّةُ مَا يَأْخُذُونَ فَالْعُشْرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ حَقُّ الْأَخْذِ بِالْحِمَايَةِ وَتَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الْمُجَازَاةِ فَقُدِّرَ بِضِعْفِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ إلَى الْحِمَايَةِ مِنْهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

قُلْت: وَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ أَصْلُ أَخْذِ شَيْءٍ مِنَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْعُشْرُ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَلِأَنَّ أَخْذَ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ، وَمَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ أَصْلًا لَا مُجَازَاةً وَلِأَنَّ عَدَمَ الْأَخْذِ مِنْهُمْ أَصْلًا عِنْدَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ إنَّمَا هُوَ لِيَسْتَمِرُّوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّا أَحَقُّ بِالْمَكَارِمِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بِمَعْنَى الْمُجَازَاةِ حَيْثُ تَرَكْنَاهُمْ كَمَا تَرَكُونَا وَلَيْسَ مِثْلُهُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِأَصْلِ الْأَخْذِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ أَخْذِ الْعُشْرِ وَهُوَ دُخُولُهُ فِي الْحِمَايَةِ وَعَدَمُ تَحَقُّقِ الْمَانِعِ بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>