للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَنِفْطٍ وَقَارٍ وَغَيْرِ الْمُنْطَبِعِ كَمَعَادِنِ الْأَحْجَارِ (فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَوْ عُشْرِيَّةٍ)

ــ

[رد المحتار]

وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْمَعْدِنَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُنْطَبِعٌ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ.

وَمَائِعٍ كَالْمَاءِ وَالْمِلْحِ وَالْقِيرِ وَالنِّفْطِ. وَمَا لَيْسَ شَيْئًا مِنْهُمَا كَاللُّؤْلُؤِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالْكُحْلِ وَالزَّاجِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالتُّحْفَةِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ الْمُطَرِّزِيَّ خَصَّهُ بِالْحَجَرَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِمَرْكَزِ كُلِّ شَيْءٍ اهـ (قَوْلُهُ: كَنِفْطٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَقَدْ تُفْتَحُ قَامُوسٌ وَهُوَ دُهْنٌ يَعْلُو الْمَاءَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ ح.

(قَوْلُهُ: وَقَارٍ) وَالْقَارُ وَالْقِيرُ وَالزِّفْتُ شَيْءٌ يُطْلَى بِهِ السُّفُنُ ح (قَوْلُهُ: كَمَعَادِنِ الْأَحْجَارِ) كَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَالْجَوَاهِرِ كَالْيَوَاقِيتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالزُّمُرُّدِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَوْ عُشْرِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَجَدَ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ ح: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَرْضَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: مُبَاحَةٌ، وَمَمْلُوكَةٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَمْلُوكَةٌ لِمُعَيَّنٍ، وَوَقْفٌ. فَالْأَوَّلُ لَا يَكُونُ عُشْرِيًّا وَلَا خَرَاجِيًّا وَكَذَا الثَّانِي كَأَرَاضِي مِصْرَ الْغَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ خَرَاجِيَّةَ الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهَا آلَتْ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِمَوْتِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ [فِي التُّحْفَةِ الْمَرْضِيَّةِ فِي الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ. وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إمَّا عُشْرِيٌّ أَوْ خَرَاجِيٌّ. ثُمَّ إنَّ الْخُمُسَ فِي الْمُبَاحَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْوَاجِدِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الْمَمْلُوكَةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَمْ أَرَ حُكْمَهُ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْكُلَّ لِبَيْتِ الْمَالِ، أَمَّا الْخُمُسُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَلِوُجُودِ الْمَالِكِ وَهُوَ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ فَيَأْخُذُهُ وَكِيلُهُمْ وَهُوَ السُّلْطَانُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ الْمَمْلُوكَةُ لِمُعَيَّنٍ فَالْخُمُسُ فِيهِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْمَالِكِ، وَأَمَّا الرَّابِعُ وَهُوَ الْوَقْفُ فَالْخُمُسُ فِيهِ لِبَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ عِبَارَتِهِ حُكْمَ بَاقِيهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لِلْوَاجِدِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْمَالِكِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُهُ: إنَّ الْمُبَاحَ لَا يَكُونُ عُشْرِيًّا وَلَا خَرَاجِيًّا فِيهِ نَظَرٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةُ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنَّ أَرْضَ الْجَبَلِ الَّذِي لَا يَصِلُ إلَيْهِ الْمَاءُ عُشْرِيَّةٍ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إمَّا عُشْرِيٌّ أَوْ خَرَاجِيٌّ فِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَنَّ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا وَقَفَهَا مُشْتَرِيهَا أَوْ لَمْ يُوقِفْهَا فَلَا عُشْرَ فِيهَا وَلَا خَرَاجَ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ نَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي، وَأَمَّا ثَالِثًا فَجَعْلُهُ الْمَوْقُوفَةَ كَالْمُبَاحَةِ فِي كَوْنِ الْبَاقِي عَنْ الْخُمُسِ لِلْوَاجِدِ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ هُوَ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَوْ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُمَا وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ مَنْفَعَةً بَلْ هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَتْ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ، ثُمَّ حَبَسَهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ نَقْضِ الْوَقْفِ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ النَّقْضَ يُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ إنْ احْتَاجَ وَإِلَّا حَفِظَهُ لِلِاحْتِيَاجِ، وَلَا يُصْرَفُ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَنَافِعِ لَا فِي الْعَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقٌّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَكَيْفَ يَمْلِكُهُ الْأَجْنَبِيُّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالنَّقْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَأَمَّا رَابِعًا فَإِنَّ إيجَابَهُ الْخُمُسَ فِي الْمَمْلُوكَةِ لِمُعَيَّنٍ مُخَالِفٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ كَمَا يَأْتِي. [تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: قَيَّدَ بِالْخَرَاجِيَّةِ وَالْعُشْرِيَّةِ لِيُخْرِجَ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا لَكِنْ وَرَدَ عَلَيْهِ الْأَرْضُ الَّتِي لَا وَظِيفَةَ فِيهَا كَالْمَفَازَةِ إذْ يَقْضِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ أَنْ لَا يُجْعَلَ ذَلِكَ لِقَصْدِ الِاحْتِرَازِ بَلْ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ وَظِيفَتَهَا الْمُسْتَمِرَّةَ لَا تَمْنَعُ مِمَّا يُوجَدُ فِيهِمَا. اهـ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُهُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الدَّارِ وَيُعْلَمُ حُكْمُ الْمَفَازَةِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ فِي الْأَرْضِ مَعَ الْوَظِيفَةِ فَلَأَنْ يَجِبَ لَا فِي الْخَالِيَةِ عَنْهَا أَوْلَى. اهـ. وَأَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُشْرِيَّةِ وَالْخَرَاجِيَّةِ مَا تَكُونُ وَظِيفَتُهَا الْعُشْرَ أَوْ الْخَرَاجَ سَوَاءٌ كَانَتْ بِيَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>