خَارِجَ الدَّارِ لَا الْمَفَازَةِ لِدُخُولِهَا بِالْأَوْلَى (خُمِسَ) مُخَفَّفًا أَيْ أُخِذَ خُمُسُهُ لِحَدِيثِ «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَهُوَ يَعُمُّ الْمَعْدِنَ كَمَا مَرَّ (وَبَاقِيهِ لِمَالِكِهَا إنْ مُلِكَتْ
ــ
[رد المحتار]
أَحَدٍ أَوْ لَا فَتَشْمَلُ الْمَفَازَةَ وَغَيْرَهَا بِدَلِيلِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ أَرْضَ الْجَبَلِ عُشْرِيَّةٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ الِاحْتِرَازَ بِهَا عَنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي مَتْنِ دُرَرِ الْبِحَارِ عَبَّرَ بِمَعْدِنِ غَيْرِ الْحَرْبِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ مَعْدِنُ أَرْضِنَا وَلِهَذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ: الْأَخْصَرُ فِي أَرْضِنَا سَوَاءٌ كَانَتْ جَبَلًا أَوْ سَهْلًا مَوَاتًا أَوْ مِلْكًا. وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ دَارِهِ وَأَرْضِهِ وَأَرْضِ الْحَرْبِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت عَيْنَ مَا قُلْته فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ حَيْثُ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ احْتِرَازًا عَمَّا وَجَدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ أَرْضَهَا لَيْسَتْ أَرْضَ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ وَالْمُرَادُ بِأَرْضِ الْخَرَاجِ أَوْ الْعُشْرِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ أَوْ لَا صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَفَاوِزُ وَأَرْضُ الْمَوَاتِ فَإِنَّهَا إذَا جُعِلَتْ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ كَانَتْ عُشْرِيَّةً أَوْ خَرَاجِيَّةً اهـ.
قُلْت: وَعَلَى هَذَا فَيَدْخُلُ فِي الْخَرَاجِيَّةِ وَالْعُشْرِيَّةِ جَمِيعُ أَقْسَامِ الْأَرْضِ الْمُبَارَةِ فَإِنَّ فِي مَعْدِنِهَا الْخُمُسَ لَكِنْ سَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِإِخْرَاجِ الْمَوْجُودِ فِي دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ فَإِنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: خَرَجَ الدَّارُ لَا الْمَفَازَةُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ النَّهْرِ. وَعَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ لَا حَاجَةَ إلَى دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا إلَى التَّعَرُّضِ لِإِخْرَاجِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيُنَبِّهُ عَلَى إخْرَاجِهَا. عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَرَّضَ لِلدَّارِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْأَرْضِ، فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً تَكُونُ خَرَاجِيَّةً أَوْ عُشْرِيَّةً مَعَ أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِي مَعْدِنِهَا كَمَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يُقَالَ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: خُمِسَ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ مِنْ خَمَّسَ الْقَوْمَ: إذَا أَخَذَ خُمُسَ أَمْوَالِهِمْ مِنْ بَابِ طَلَبَ بَحْرٌ عَنْ الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ: مُخَفَّفًا) ؛ لِأَنَّ التَّشْدِيدَ غَيْرُ سَدِيدٍ إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ يَجْعَلُهُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ فَقَطْ نَهْرٌ أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَخْذُ الْخُمُسِ مِنْ الْمَعْدِنِ لَا مُجَرَّدُ جَعْلِهِ أَخْمَاسًا (قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فِي بَيَانِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ: إنَّ الرِّكَازَ يَعُمُّ الْمَعْدِنَ وَالْكَنْزَ عَلَى مَا حَقَّقْنَاهُ فَكَانَ إيجَابًا فِيهِمَا، وَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ إرَادَةِ الْمَعْدِنِ بِسَبَبِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ إفَادَةِ أَنَّهُ جُبَارٌ أَيْ هَدَرٌ لَا شَيْءَ فِيهِ لِلتَّنَاقُضِ فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِالْمَعْدِنِ لَيْسَ هُوَ الْمُعَلَّقَ بِهِ ضِمْنَ الرِّكَازِ لِيَخْتَلِفَ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ إهْلَاكَهُ أَوْ الْهَلَاكَ بِهِ لِلْأَجِيرِ الْحَافِزِ لَهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ نَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ أَصْلًا وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.
فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَثْبَتَ لِلْمَعْدِنِ بِخُصُوصِهِ حُكْمًا فَنَصَّ عَلَى خُصُوصِ اسْمِهِ، ثُمَّ أَثْبَتَ لَهُ حُكْمًا آخَرَ مَعَ غَيْرِهِ فَعَبَّرَ بِالِاسْمِ الَّذِي يَعُمُّهُمَا لِيَثْبُتَ فِيهِمَا اهـ مُلَخَّصًا وَنَقَلَهُ فِي النَّهْرِ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَبَاقِيهِ لِمَالِكِهَا إلَخْ) كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالدُّرَرِ وَالْإِصْلَاحِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَلَا فِي الْكَنْزِ وَشُرُوحِهِ وَلَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَالْمَوَاهِبِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ قَالَ بَعْدَهَا وَفِي أَرْضِهِ رِوَايَتَانِ: أَيْ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَرَاجِيَّةِ وَالْعُشْرِيَّةِ غَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ، وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فَقَالَ وَلَا شَيْءَ فِيهِ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارِهِ وَأَرْضِهِ، فَنَاقَضَ أَوَّلُ كَلَامِهِ آخِرَهُ فَإِنَّ أَرْضَهُ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا عُشْرِيَّةً أَوْ خَرَاجِيَّةً كَمَا يَأْتِي. وَقَدْ جَزَمَ أَوَّلًا بِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute