للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعُشْرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ كَخَرَاجِ مُوَظَّفٍ وَقَالَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَمُسْتَعِيرِ مُسْلِمٍ: وَفِي الْحَاوِي وَبِقَوْلِهِمَا نَأْخُذُ

ــ

[رد المحتار]

مِنْ الزَّرْعِ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ بَاعَ مِنْ آخَرَ وَالْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ وَآخَرَ حَتَّى مَضَى وَقْتُ التَّمَكُّنِ لَا يَجِبُ الْخَرَاجُ عَلَى أَحَدٍ اهـ مُلَخَّصًا أَيْ بِأَنْ لَمْ تَبْقَ فِي يَدِ أَحَدٍ مِنْ الْمُشْتَرِينَ مُدَّةً يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الزِّرَاعَةِ قَبْلَ دُخُولِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَالْعُشْرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ) أَيْ لَوْ أَجَّرَ الْأَرْضَ الْعُشْرِيَّةَ فَالْعُشْرُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: لَهُمَا أَنَّ الْعُشْرَ مَنُوطٌ بِالْخَارِجِ وَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَهُ أَنَّهَا كَمَا تُسْتَنْمَى بِالزِّرَاعَةِ تُسْتَنْمَى بِالْإِجَارَةِ فَكَانَتْ الْأُجْرَةُ مَقْصُودَةً كَالثَّمَرَةِ فَكَانَ النَّمَاءُ لَهُ مَعْنًى مَعَ مِلْكِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِالْإِيجَابِ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَخَرَاجٍ مُوَظَّفٍ) فَإِنَّهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ اتِّفَاقًا لِتَعَلُّقِهِ بِتَمَكُّنِ الزِّرَاعَةِ لَا بِحَقِيقَةِ الْخَارِجِ وَأَمَّا خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ وَهُوَ كَوْنُ الْوَاجِبِ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْخَارِجِ كَثُلُثٍ وَسُدُسٍ وَنَحْوِهِمَا فَعَلَى الْخِلَافِ كَذَا فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ وَكَذَا الْخَرَاجُ الْمُوَظَّفُ عَلَى الْمُعِيرِ ذَخِيرَةٌ أَيْ اتِّفَاقًا بَدَائِعُ، أَمَّا الْعُشْرُ فَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَمَا يَأْتِي.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَوْ اسْتَعَارَ أَرْضًا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ فَغَرَسَ فِيهَا كَرْمًا أَوْ رِطَابًا فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَرْمًا فَخَرَاجُهَا عَلَى مَنْ جَعَلَهَا كَرْمًا اهـ قَالَ الرَّمْلِيُّ: مُفَادُهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ مُلْتَفَّ الْأَشْجَارِ بِحَيْثُ لَا يَصْلُحُ مَا بَيْنَ الْأَشْجَارِ لِلزِّرَاعَةِ فَإِنْ صَلُحَ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ يَجِبُ الْخَرَاجُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَالْمُعِيرِ إنْ بَقِيَتْ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: كَمُسْتَعِيرٍ مُسْلِمٍ) وَأَوْجَبَهُ زُفَرُ عَلَى الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَامَ الْمُسْتَعِيرَ مَقَامَهُ لَزِمَهُ كَالْمُؤَجِّرِ. قُلْنَا: حَصَلَ لِلْمُؤَجِّرِ الْأَجْرُ الَّذِي هُوَ كَالْخَارِجِ مَعْنًى بِخِلَافِ الْمُعِيرِ وَقُيِّدَ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَهَا ذِمِّيٌّ فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُعِيرِ اتِّفَاقًا لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ الْفُقَرَاءِ بِالْإِعَارَةِ مِنْ الْكَافِرِ كَذَا فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ أَيْ لِكَوْنِهِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعُشْرِ لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ اسْتَعَارَهَا كَافِرٌ فَعِنْدَهُمَا الْعُشْرُ عَلَيْهِ وَعَنْ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ عَلَى الْمَالِكِ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَفِي الْحَاوِي) أَيْ الْقُدْسِيِّ ح (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِمَا نَأْخُذُ) قُلْت: لَكِنْ أَفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ فِي فَتَاوَاهُ وَكَذَا تِلْمِيذُ الشَّارِحِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ مُفْتِي دِمَشْقَ وَقَالَ حَتَّى تَفْسُدَ الْإِجَارَةُ بِاشْتِرَاطِ خَرَاجِهَا أَوْ عُشْرِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ، وَكَذَا حَامِدٌ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ وَقَالَ فِي فَتَاوَاهُ قُلْت: عِبَارَةُ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ لَا تُعَارِضُ عِبَارَةَ غَيْرِهِ فَإِنَّ قَاضِيَ خَانْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ فَإِنَّ مِنْ عَادَتِهِ تَقْدِيمَ الْأَظْهَرِ وَالْأَشْهَرِ وَقَدْ قَدَّمَ قَوْلَ الْإِمَامِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ وَأَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَكَرِيَّا أَفَنْدِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَعَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْإِسْعَافِ وَالْخَصَّافِ. اهـ.

قُلْت: لَكِنْ فِي زَمَانِنَا عَامَّةُ الْأَوْقَافِ مِنْ الْقُرَى وَالْمَزَارِعِ لِرِضَا الْمُسْتَأْجِرِ بِتَحَمُّلِ غَرَامَاتِهَا وَمُؤَنِهَا يَسْتَأْجِرُهَا بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِحَيْثُ لَا تَفِي الْأُجْرَةُ، وَلَا أَضْعَافُهَا بِالْعُشْرِ أَوْ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ، فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ الْإِفْتَاءِ بِقَوْلِهِمَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ فِي زَمَانِنَا يُقَدِّرُونَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ سَالِمَةٌ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ عُشْرٍ وَغَيْرِهِ أَمَّا لَوْ اُعْتُبِرَ دَفْعُ الْعُشْرِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ وَأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى الْأُجْرَةِ فَإِنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ تَزِيدُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً كَمَا لَا يَخْفَى فَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ كَامِلَةً يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَبِقَوْلِهِمَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. مَطْلَبٌ هَلْ يَجِبُ الْعُشْرُ عَلَى الْمُزَارِعِينَ فِي الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةِ [تَتِمَّةٌ] : فِي التَّتَارْخَانِيَّة السُّلْطَانُ إذَا دَفَعَ أَرَاضِيَ لَا مَالِكَ لَهَا وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْأَرَاضِيَ الْمُمَلَّكَةَ إلَى قَوْمٍ لِيُعْطُوا الْخَرَاجَ جَازَ وَطَرِيقُ الْجَوَازِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا إقَامَتُهُمْ مَقَامَ الْمُلَّاكِ فِي الزِّرَاعَةِ وَإِعْطَاءُ الْخَرَاجِ أَوْ الْإِجَارَةِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>