للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَكْفِيهِ وَأَعْوَانَهُ بِالْوَسَطِ لَكِنْ لَا يُزَادُ عَلَى نِصْفِ مَا يَقْبِضُهُ.

(وَمُكَاتَبٌ) لِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ، وَلَوْ عَجَزَ حَلَّ لِمَوْلَاهُ وَلَوْ غَنِيًّا

ــ

[رد المحتار]

الِاكْتِسَابِ تَمْنَعُ الْفَقْرَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ فَضْلًا عَنْ السُّؤَالِ إلَّا إذَا اشْتَغَلَ عَنْهُ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: مَا يَكْفِيهِ وَأَعْوَانَهُ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يُعْطِي مَا لَمْ يَهْلَكْ الْمَالُ وَإِلَّا بَطَلَتْ عِمَالَتُهُ، وَلَا يُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَخَذَ عِمَالَتَهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ الْقَاضِي رِزْقَهُ قَبْلَ الْمُدَّةِ جَازَ، وَالْأَفْضَلُ عَدَمُ التَّعْجِيلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَعِيشَ إلَى الْمُدَّةِ اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ وَقَدْ تَعَجَّلَ عِمَالَتَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ (قَوْلُهُ: بِالْوَسَطِ) فَيَحْرُمُ أَنْ يَتْبَعَ شَهْوَتَهُ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ؛ لِأَنَّهُ إسْرَافٌ مَحْضٌ، وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَرْضَى بِالْوَسَطِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) أَيْ لَوْ اسْتَغْرَقَتْ كِفَايَتُهُ الزَّكَاةَ لَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ؛ لِأَنَّ التَّنْصِيفَ عَيْنُ الْإِنْصَافِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبٌ) هَذَا هُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠] فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَطْلَقَهُ فَعَمَّ مُكَاتَبَ الْغَنِيِّ أَيْضًا وَقَيَّدَهُ الْحَدَّادِيُّ بِالْكَبِيرِ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا يَجُوزُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ وَهَذَا بِإِطْلَاقِهِ يَعُمُّ الصَّغِيرَ أَيْضًا نَهْرٌ.

قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْحَدَّادِيِّ بِالصَّغِيرِ مَنْ لَا يَعْقِلُ؛ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ اسْتِقْلَالًا غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَوْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ تَأَمَّلْ ثُمَّ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعَلَى هَذَا فَالْعُدُولُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ عَنْ اللَّامِ إلَى " فِي " لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلْجِهَةِ لَا لِلرَّقَبَةِ، أَوْ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّهُمْ أَرْسَخُ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا كَمَا ظَنَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ لَا يَمْلِكُونَهُ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ صَرْفُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ لَمْ أَرَهُ لَهُمْ اهـ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُمْ لِأَئِمَّتِنَا وَأَصْلُ التَّوَقُّفِ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ الطِّيبِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ وَمَنْ بَعْدَهُ لَيْسَ لَهُمْ صَرْفُ الْمَالِ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي أَخَذُوا لِأَجْلِهَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الْبَدَائِعِ: إنَّمَا جَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلْمُكَاتَبِ فَبَقِيَّةُ الْأَرْبَعَةِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لَكِنْ بَقِيَ هَلْ لَهُمْ عَلَى هَذَا الصَّرْفِ إلَى غَيْرِ الْجِهَةِ اهـ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الْفَقِيهِ الْجَوَازُ. اهـ. قُلْت: وَبِهِ جَزَمَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ.

[فَرْعٌ] ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ فَكَاتَبَ عَلَيْهِ أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ كَسْبًا وَلَيْسَ لَهُ مِلْكٌ حَقِيقَةً لِوُجُودِ مَا يُنَافِيهِ وَهُوَ الرِّقُّ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَا يَفْسُدُ نِكَاحُهُ وَيَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَلَوْ وَجَدَ كَنْزًا اهـ كَذَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ الشَّلَبِيِّ شَيْخِ صَاحِبِ الْبَحْرِ.

قُلْت: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ دَفْعِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا زَائِدًا عَلَى بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَسَنَذْكُرُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا لِمُعْتَقِ الْهَاشِمِيِّ الَّذِي صَارَ حُرًّا يَدًا وَرَقَبَةً فَمُكَاتَبُهُ الَّذِي بَقِيَ مَمْلُوكًا لَهُ رَقَبَةٌ بِالْأَوْلَى وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُكَاتَبِ هَاشِمِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلْمَوْلَى مِنْ وَجْهٍ وَالشُّبْهَةُ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ فِي حَقِّهِمْ اهـ.

أَيْ إنَّ الْمُكَاتَبَ وَإِنْ صَارَ حُرًّا يَدًا حَتَّى يَمْلِكَ مَا يُدْفَعُ إلَيْهِ لَكِنَّهُ مَمْلُوكٌ رَقَبَةً فَفِيهِ شُبْهَةُ وُقُوعِ الْمِلْكِ لِمَوْلَاهُ الْهَاشِمِيِّ وَالشُّبْهَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّهِ لِكَرَامَتِهِ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الْعَامِلِ، فَلِذَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّهِمْ أَيْ حَقِّ بَنِي هَاشِمٍ.

وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ مَسُوقٌ فِي كَلَامِ الْبَحْرِ لِعَدَمِ الْجَوَازِ لِمُكَاتَبِ الْهَاشِمِيِّ لَا لِمَنْعِ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَوَقَّفْت فِي حُكْمِهَا أَوَّلًا بَلْ لَا يُفِيدُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ أَصْلًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: حَلَّ لِمَوْلَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِمِلْكٍ حَادِثٍ بَعْدَ مَا مَلَكَهُ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ يَدًا، وَتَبَدُّلُ الْمِلْكِ بِمَنْزِلَةِ تَبَدُّلِ الْعَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>