للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأُمَّا الْخَوْفُ الْمَذْكُورُ فِي آيَةِ " النَّحْلِ " فَقَدْ ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - مِثْلَهُ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَيْضًا عَلَى بَعْضِ تَفْسِيرَاتِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي هِيَ: وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ [١٣ \ ٣١] ، فَقَدْ جَاءَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ تَفْسِيرُ الْقَارِعَةِ الَّتِي تُصِيبُهُمْ بِسَرِيَّةٍ مِنْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْلِهِ: تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ [١٣ \ ٣١] ، قَالَ: السَّرَايَا، وَأَخْرَجَ الطَّيَالِسِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْلِهِ: " وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ [١٣ \ ٣١] ، قَالَ: سَرِيَّةٌ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ [١٣ \ ٣١] ، قَالَ: أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ، قَالَ: فَتْحُ مَكَّةَ "، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ: " تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ، قَالَ: سَرِيَّةٌ مِنْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ تَحُلُّ: يَا مُحَمَّدُ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ "، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: " الْقَارِعَةُ السَّرَايَا أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ، قَالَ: الْحُدَيْبِيَةُ، حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ، قَالَ: فَتْحُ مَكَّةَ "، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآيَةَ، نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي سَرَايَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ تَحُلُّ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ قَرِيبًا مِنْ دَرَاهِمَ. اه مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ.

فَهَذَا التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ فِي آيَةِ (الرَّعْدِ) هَذِهِ، وَالتَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ فِي آيَةِ (الدُّخَانِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ أُبْدِلُوا بَعْدَ سَعَةِ الرِّزْقِ بِالْجُوعِ، وَبَعْدَ الْأَمْنِ وَالطُّمَأْنِينَةِ بِالْخَوْفِ ; كَمَا قَالَ فِي الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ: كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [١٦ \ ١١٢] ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ. . . الْآيَةَ [١٦ \ ١١٣] ، لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ قُرَيْشٍ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ; كَقَوْلِهِ: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ الْآيَةَ [٩ \ ١٢٨] ، وَقَوْلِهِ: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ الْآيَةَ [٣ \ ١٦٤] .

وَالْآيَاتُ الْمُصَرِّحَةُ بِكُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ كَثِيرَةٌ جِدًّا ; كَقَوْلِهِ: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ. . . الْآيَةَ [٣٨ \ ٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>