الْمُسْلِمَ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي أَخِيهِ بِمَا يُؤْذِيهِ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ إِنْ رَمَاهُ بِفِرْيَةٍ حَدَّ الْقَذْفِ ثَمَانِينَ جِلْدَةً، قَالَ تَعَالَى: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [٤٩ \ ١٢] ، وَقَبَّحَ جَلَّ وَعَلَا غِيبَةَ الْمُسْلِمِ غَايَةَ التَّقْبِيحِ بِقَوْلِهِ: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [٤٩ \ ١٢] ، وَقَالَ: وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [٤٩ \ ١١] وَقَالَ فِي إِيجَابِ حَدِّ الْقَاذِفِ: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا الْآيَةَ [٢٤ \ ٤، ٥] .
السَّادِسُ: الْمَالُ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ بِأَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَعْدَلِهَا، وَلِذَلِكَ مَنَعَ أَخْذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ، وَأَوْجَبَ عَلَى السَّارِقِ حَدَّ السَّرِقَةِ وَهُوَ قَطْعُ الْيَدِ كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [٤ \ ٢٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [٢ \ ١٨٨] ، وَقَالَ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ الْآيَةَ [٥ \ ٣٨] ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُحَافَظَةً عَلَى الْمَالِ وَدَرْءًا لِلْمَفْسَدَةِ عَنْهُ.
الْمَصْلَحَةُ الثَّانِيَةُ: جَلْبُ الْمَصَالِحِ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِجَلْبِ الْمَصَالِحِ بِأَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَعْدَلِهَا، فَفَتَحَ الْأَبْوَابِ لِجَلْبِ الْمَصَالِحِ فِي جَمِيعِ الْمَيَادِينِ، قَالَ تَعَالَى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [٦٢ \ ١٠] ، وَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [٢ \ ١٩٨] ، وَقَالَ: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [٧٣ \ ٢٠] ، وَقَالَ: بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [٤ \ ٢٩] .
وَلِأَجْلِ هَذَا جَاءَ الشَّرْعُ الْكَرِيمُ بِإِبَاحَةِ الْمَصَالِحِ الْمُتَبَادَلَةِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، لِيَسْتَجْلِبَ كُلٌّ مَصْلَحَتَهُ مِنَ الْآخَرِ، كَالْبُيُوعِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْأَكْرِيَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ.
الْمَصْلَحَةُ الثَّالِثَةُ: الْجَرْيُ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِذَلِكَ بِأَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَعْدَلِهَا، وَالْحَضُّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ كَثِيرٌ جِدًّا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِذَلِكَ لَمَّا سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ» لِأَنَّ الْقُرْآنَ يَشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute