وَيَأْذَنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمْ تَسَاوِي الْمَالَيْنِ، وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ أَوْ تَفَاوَتَا، وَإِنْ شَرَطَا خِلَافَ ذَلِكَ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي مَالِهِ.
عَقْدُ الشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ يُسَلِّطُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ بِلَا ضَرَرٍ، فَلَا يَبِيعُ بِنَسِيئَةٍ، وَلَا بِغَبَنٍ فَاحِشٍ، وَلَا يَبْضَعُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا مَتَى شَاءَ.
وَأَمَّا تَفْصِيلُ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَهُوَ أَنَّ الشَّرِكَةَ تَنْقَسِمُ إِلَى ضَرْبَيْنِ:
شَرِكَةِ مِلْكٍ، وَشَرِكَةِ عَقْدٍ.
فَشَرِكَةُ الْمِلْكِ وَاضِحَةٌ، كَأَنْ يَمْلِكَا شَيْئًا بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَشَرِكَةُ الْعَقْدِ عِنْدَهُمْ تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
شَرِكَةٍ بِالْمَالِ، وَشَرِكَةٍ بِالْأَعْمَالِ، وَشَرِكَةٍ بِالْوُجُوهِ، وَكُلُّ قِسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَهُمْ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: مُفَاوَضَةٌ، وَعِنَانٌ، فَالْمَجْمُوعُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ.
أَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ عِنْدَهُمْ فَهِيَ جَائِزَةٌ إِنْ تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهَا، وَهِيَ عِنْدَهُمُ الشَّرِكَةُ الَّتِي تَتَضَمَّنُ وَكَالَةَ كُلٍّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ، وَكَفَالَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ، وَلَابُدَّ فِيهَا مِنْ مُسَاوَاةِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَالِ وَالدِّينِ وَالتَّصَرُّفِ.
فَبِتَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ يَصِحُّ تَصَرُّفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِ الْآخَرِ.
وَبِتَضَمُّنِهَا الْكَفَالَةَ يَطْلُبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا لَزِمَ الْآخَرَ.
وَبِمُسَاوَاتِهِمَا فِي الْمَالِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَسْتَبِدَّ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ دُونَ الْآخَرِ، وَلِذَا لَوْ وَرِثَ بَعْدَ الْعَقْدِ شَيْئًا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ كَالنَّقْدِ بَطَلَتِ الْمُفَاوَضَةُ، وَرَجَعَتِ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ عِنَانٍ.
وَبِتَضَمُّنِهَا الْمُسَاوَاةَ فِي الدِّينِ تَمْتَنِعُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ.
وَبِتَضَمُّنِهَا الْمُسَاوَاةَ فِي التَّصَرُّفِ تَمْتَنِعُ بَيْنَ بَالِغٍ وَصَبِيٍّ، وَبَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ، وَكُلُّ مَا اشْتَرَاهُ وَاحِدٌ مِنْ شَرِيكَيِ الْمُفَاوَضَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، إِلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكُسْوَتَهُمْ، وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَ أَحَدُهُمَا بِتِجَارَةٍ وَغَصْبٍ وَكَفَالَةٍ لَزِمَ الْآخَرَ.