للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَنْبِيهٌ

قِرَاءَةُ «مِتُّ» بِكَسْرِ الْمِيمِ كَثِيرًا مَا يَخْفَى عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَجْهُهَا ; لِأَنَّ لُغَةَ «مَاتَ يَمُوتُ» لَا يَصِحُّ مِنْهَا «مِتُّ» بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَوَجْهُ الْقِرَاءَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَنَّهُ مِنْ مَاتَ يَمَاتُ، كَخَافَ يَخَافُ، لَا مِنْ مَاتَ يَمُوتُ، كَقَالَ يَقُولُ. فَلَفْظُ «مَاتَ» فِيهَا لُغَتَانِ عَرَبِيَّتَانِ فَصِيحَتَانِ، الْأُولَى مِنْهُمَا مَوَتَ بِفَتْحِ الْوَاوِ فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ أَلِفًا عَلَى الْقَاعِدَةِ التَّصْرِيفِيَّةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ فِي الْخُلَاصَةِ:

مِنْ يَاءٍ أَوْ وَاوٍ بِتَحْرِيكٍ أَصِلْ ... أَلِفًا ابْدِلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلْ

إِنْ حُرِّكَ الثَّانِي. . . إِلَخْ،وَمُضَارِعُ هَذِهِ الْمَفْتُوحَةِ «يَمُوتُ» بِالضَّمِّ عَلَى الْقِيَاسِ وَفِي هَذِهِ وَنَحْوِهَا إِنْ أُسْنِدَ الْفِعْلُ إِلَى تَاءِ الْفَاعِلِ أَوْ نُونِهِ سَقَطَتِ الْعَيْنُ بِالِاعْتِلَالِ وَحُرِّكَتِ الْفَاءُ بِحَرَكَةٍ تُنَاسِبُ الْعَيْنَ، وَالْحَرَكَةُ الْمُنَاسِبَةُ لِلْوَاوِ هِيَ الضَّمَّةُ، فَتَقُولُ «مُتُّ» بِضَمِّ الْمِيمِ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ.

الثَّانِيَةُ أَنَّهَا «مَوِتَ» بِكَسْرِ الْوَاوِ، أُبْدِلَتِ الْوَاوُ أَلِفًا لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا، وَمُضَارِعُ هَذِهِ «يَمَاتُ» بِالْفَتْحِ ; لِأَنَّ «فَعِلَ» بِكَسْرِ الْعَيْنِ يَنْقَاسُ فِي مُضَارِعِهَا بِـ «فَعَلَ» بِفَتْحِ الْعَيْنِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي اللَّامِيَّةِ:

وَافْتَحْ مَوْضِعَ الْكَسْرِ فِي الْمَبْنِيِّ مِنْ فَعَلَا

وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَلِمَاتٌ مَعْرُوفَةٌ سَمَاعِيَّةٌ تُحْفَظُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، وَالْمُقَرَّرُ فِي فَنِّ الصَّرْفِ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ ثُلَاثِيٍّ أَجْوَفَ - أَعْنِي مُعْتَلَّ الْعَيْنِ - إِذَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعِلَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، أَوْ فَعُلَ بِضَمِّهَا، فَإِنَّهُ إِذَا أُسْنِدَ إِلَى تَاءِ الْفَاعِلِ أَوْ نُونِهِ تَسْقُطُ عَيْنُهُ بِالِاعْتِلَالِ وَتُنْقَلُ حَرَكَةُ عَيْنِهِ السَّاقِطَةِ بِالِاعْتِلَالِ إِلَى الْفَاءِ فَتُكْسَرُ فَاؤُهُ إِنْ كَانَ مِنْ فَعِلَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَتُضَمُّ إِنْ كَانَ مِنْ فَعُلَ بِضَمِّهَا، مِثَالُ الْأَوَّلِ «مِتُّ» مِنْ مَاتَ يَمَاتُ ; لِأَنَّ أَصْلَهَا «مَوِتَ» بِالْكَسْرِ وَكَذَلِكَ خَافَ يَخَافُ، وَنَامَ يَنَامُ، فَإِنَّكَ تَقُولُ فِيهَا «مِتُّ» بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَ «نِمْتُ» بِكَسْرِ النُّونِ، «وَخِفْتُ» بِكَسْرِ الْخَاءِ ; لِأَنَّ حَرَكَةَ الْعَيْنِ نُقِلَتْ إِلَى الْفَاءِ وَهِيَ الْكَسْرَةُ، وَمِثَالُهُ فِي الضَّمِّ «طَالَ» فَأَصْلُهَا «طَوُلَ» بِضَمِّ الْوَاوِ فَتَقُولُ فِيهَا «طُلْتُ» بِالضَّمِّ لِنَقْلِ حَرَكَةِ الْعَيْنِ إِلَى الْفَاءِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الثُّلَاثِيُّ مِنْ فَعَلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَمَاتَ يَمُوتُ، وَقَالَ يَقُولُ، فَإِنَّ الْعَيْنَ تَسْقُطُ بِالِاعْتِلَالِ وَتُحَرَّكُ الْفَاءُ بِحَرَكَةٍ مُنَاسِبَةٍ لِلْعَيْنِ السَّاقِطَةِ فَتُضَمُّ الْفَاءُ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ السَّاقِطَةُ وَاوًا كَمَاتَ يَمُوتُ، وَقَالَ يَقُولُ، فَتَقُولُ مُتُّ وَقُلْتُ، بِالضَّمِّ. وَتُكْسَرُ الْفَاءُ إِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>