للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ: وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ [١٩ \ ٥٢] ، هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي " طه ": فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ.

وَقَوْلُهُ: بِقَبَسٍ، أَيْ: شِهَابٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي " النَّمْلِ ": أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ [٢٠ \ ٧] ، وَذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ بِالْجَذْوَةِ فِي قَوْلِهِ: أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ [٢٨ \ ٢٩] ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى [٢٠ \ ١٠] ، أَيْ: مَنْ يَهْدِينِي إِلَى الطَّرِيقِ وَيَدُلُّنِي عَلَيْهَا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا ضَلُّوا الطَّرِيقَ، وَالزَّمَنُ زَمَنُ بَرْدٍ، وَقَوْلُهُ: آنَسْتُ نَارًا [٢٠ \ ١٠] ، أَيْ: أَبْصَرْتُهَا، وَقَوْلُهُ: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ [٢٠ \ ١٢] ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لِأَنَّهُمَا كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ، وَيُرْوَى هَذَا عَنْ كَعْبٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ، نَقَلَهُ عَنْهُمُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُمْ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي أَيُّوبَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، وَيُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ، وَجَاءَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَصِحُّ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ لِلْعُلَمَاءِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَظْهَرُهَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ: أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ - أَيْ نَزْعِهِمَا مِنْ قَدَمَيْهِ - لِيُعَلِّمَهُ التَّوَاضُعَ لِرَبِّهِ حِينَ نَادَاهُ، فَإِنَّ نِدَاءَ اللَّهِ لِعَبْدِهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ، يَسْتَوْجِبُ مِنَ الْعَبْدِ كَمَالَ التَّوَاضُعِ وَالْخُضُوعِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ أُمِرَ بِخَلْعِهِمَا احْتِرَامًا لِلْبُقْعَةِ، يَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ أَتْبَعَ أَمْرَهُ بِخَلْعِهِمَا بِقَوْلِهِ: إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى [٢٠ \ ١٢] ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي) مِسْكِ الْإِيمَاءِ وَالتَّنْبِيهِ (: أَنَّ " إِنَّ " مِنْ حُرُوفِ التَّعْلِيلِ، وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِي قَوْلِهِ " طُوًى ": أَنَّهُ اسْمٌ لِلْوَادِي، فَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الْوَادِي أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ غَيْرُ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: وَأَنَا اخْتَرْتُكَ، أَيْ: اصْطَفَيْتُكَ بِرِسَالَتِي، كَقَوْلِهِ: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي [٧ \ ١٤٤] ، وَمَعْنَى الِاسْتِعْلَاءِ فِي قَوْلِهِ: عَلَى النَّارِ، أَنَّ الْمُصْطَلِينَ بِالنَّارِ يَسْتَعْلُونَ الْمَكَانَ الْقَرِيبَ مِنْهَا، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ الْأَعْشَى:

تُشَبُّ لِمَقْرُورَيْنِ يَصْطَلِيَانِهَا وَبَاتَ عَلَى النَّارِ النَّدَى وَالْمُحَلَّقُ

قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ " النَّمْلِ ": وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [٢٧ \ ٦ - ٩] ، فَقَوْلُهُ فِي " النَّمْلِ ": فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ [٢٧ \ ٨] ،

<<  <  ج: ص:  >  >>