خَلَفٍ» اهـ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْضَحُ دَلَالَةٍ عَلَى كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ انْتِفَاءَ النُّورِ وَالْبُرْهَانِ وَالنَّجَاةِ، وَالْكَيْنُونَةَ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى الْكُفْرِ كَمَا تَرَى، وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِي) مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ (فِي هَذَا الْحَدِيثِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ. اهـ. وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا، مِنْهَا مَا هُوَ ضَعِيفٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ، وَذَكَرَ طَرَفًا مِنْهَا الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ.
وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا إِذَا كَانَ مُعْتَرِفًا بِوُجُوبِهَا غَيْرُ كَافِرٍ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا - كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ - لَا كُفْرًا، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ، وَعَزَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْأَكْثَرِينَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَالْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بَلْ يُفَسَّقُ وَيُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ حَدًّا كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَلَكِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ. اهـ.
وَاعْلَمْ: أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَحْتَاجُ إِلَى الدَّلِيلِ مِنْ جِهَتَيْنِ، وَهُمَا عَدَمُ كُفْرِهِ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ، وَهَذِهِ أَدِلَّتُهُمْ عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا، أَمَّا أَدِلَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ:
فَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [٩ \ ٥] ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ اشْتَرَطَ فِي تَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ إِقَامَتَهُمُ الصَّلَاةَ، وَيُفْهَمُ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُقِيمُوهَا لَمْ يُخَلَّ سَبِيلُهُمْ وَهُوَ كَذَلِكَ.
) وِمِنْهَا (مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا» اهـ.
فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَا تُعْصَمُ دِمَاؤُهُمْ وَلَا أَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ كَمَا تَرَى.
وَمِنْهَا: مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ بِالْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَهَبِيَّةٍ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ: «وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ» ؟ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: «لَا، لَعَلَّهُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute