للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمِيعَادَ، وَأَشَارَ لِهَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ الْآيَةَ [٣٠ \ ٦] ، وَقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ [١٣ \ ٣١] ، وَقَوْلِهِ: رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ الْآيَةَ [٣ \ ١٩٣ - ١٩٤] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا [١٧ \ ١٠٧ - ١٠٨] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا [٧٣ \ ١٧ - ١٨] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا [٢٥ \ ١٥ - ١٦] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَقَوْلِهِ: مَأْتِيًّا، اسْمُ مَفْعُولِ «أَتَاهُ» : إِذَا جَاءَهُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَأْتُونَ مَا وُعِدُوا بِهِ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَأْتِيًّا، صِيغَةُ مَفْعُولٍ أُرِيدَ بِهَا الْفَاعِلُ، أَيْ: كَانَ وَعْدُهُ آتِيًا، إِذْ لَا دَاعِيَ لِهَذَا مَعَ وُضُوحِ ظَاهِرِ الْآيَةِ.

تَنْبِيهٌ

مَثَّلَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْبَلَاغَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدَلِ، وَهُوَ بَدَلُ الْكُلِّ مِنَ الْبَعْضِ، قَالُوا: جَنَّاتِ عَدْنٍ [١٩ \ ٦١] ، بَدَلٌ مِنَ الْجَنَّةِ فِي قَوْلِهِ: فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ [١٩ \ ٦٠] ، بَدَلُ كُلٍّ مِنْ بَعْضٍ.

قَالُوا: وَمِنْ أَمْثِلَةِ بَدَلِ الْكُلِّ مِنَ الْبَعْضِ قَوْلُهُ:

رَحِمَ اللَّهُ أَعْظُمًا دَفَنُوهَا ... بِسِجِسْتَانَ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ

فَـ «طَلْحَةُ» بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ «أَعْظُمًا» بَدَلُ كُلٍّ مِنْ بَعْضٍ، وَعَلَيْهِ فَأَقْسَامُ الْبَدَلِ سِتَّةٌ: بَدَلُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ، وَبَدَلُ الْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ، وَبَدَلُ الْكُلِّ مِنَ الْبَعْضِ، وَبَدَلُ الِاشْتِمَالِ، وَبَدَلُ الْبَدَاءِ، وَبَدَلُ الْغَلَطِ.

قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ عِنْدِي فِي الْآيَةِ وَالْبَيْتِ كَوْنُ الْبَدَلِ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ بَعْضٍ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ ; لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي قَوْلِهِ: فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لِلْجِنْسِ، وَإِذَا كَانَ لِلْجِنْسِ جَازَ أَنْ يُرَادَ بِهَا جَمِيعُ الْجَنَّاتِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: جَنَّاتِ عَدْنٍ، بَدَلًا مِنَ الْجَنَّةَ بَدَلَ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>