للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ هُنَا: وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ [٢٠ ٨٠] الْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ الْوَعْدَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ الْآيَةَ [٧ ١٤٢] وَقَوْلُهُ: وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً الْآيَةَ [٢ ٥١] وَقَوْلُهُ: أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا [٢٠ ٨٦] وَهُوَ الْوَعْدُ بِإِنْزَالِ التَّوْرَاةِ. وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ هُنَا: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى قَدْ أَوْضَحَ امْتِنَانَهُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. كَقَوْلِهِ فِي «الْبَقَرَةِ» : وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى [٢ ٥٧] وَقَوْلِهِ فِي «الْأَعْرَافِ» وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى [٧ ١٦٠] وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَنَّ: التَّرَنْجَبِينُ، وَهُوَ شَيْءٌ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كَنُزُولِ النَّدَى ثُمَّ يَتَجَمَّدُ، وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَسَلَ الْأَبْيَضَ. وَالسَّلْوَى: طَائِرٌ يُشْبِهُ السُّمَانَى. وَقِيلَ هُوَ السُّمَانَى. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ فِي الْمَنِّ، وَالسَّلْوَى. وَقِيلَ: السَّلْوَى الْعَسَلُ. وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ إِطْلَاقَ السَّلْوَى عَلَى الْعَسَلِ. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ «السَّلْوَى» يُطْلَقُ عَلَى الْعَسَلِ لُغَةً. وَمِنْهُ قَوْلُ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ:

وَقَاسَمَهَا بِاللَّهِ جَهْدًا لَأَنْتُمْ ... أَلَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذَا مَا نَشُورُهَا

يَعْنِي أَلَذَّ مِنَ الْعَسَلِ إِذَا مَا نَسْتَخْرِجُهَا. لِأَنَّ النُّشُورَ: اسْتِخْرَاجُ الْعَسَلِ. قَالَ مُؤَرِّجُ بْنُ عُمَرَ السَّدُوسِيُّ: إِطْلَاقُ السَّلْوَى عَلَى الْعَسَلِ لُغَةُ كِنَانَةَ. سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يُسَلِّي. قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ. إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي السَّلْوَى. هَلْ هُوَ جَمْعٌ أَوْ مُفْرَدٌ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ جَمْعٌ، وَاحِدُهُ سَلْوَاةٌ، وَأَنْشَدَ الْخَلِيلُ لِذَلِكَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ ... كَمَا انْتَفَضَ السَّلْوَاةُ مِنْ بَلَلِ الْقَطْرِ

وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ:

كَمَا انْتَفَضَ الْعُصْفُورُ بَلَّلَهُ الْقَطْرُ

وَعَلَيْهِ فَلَا شَاهِدَ فِي الْبَيْتِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: السَّلْوَى مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ سَلَاوَى. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. مِثْلَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدُهُ سَلْوَى مِثْلَ جَمَاعَتِهِ. كَمَا قَالُوا: دِفْلَى وَسُمَانَى وَشُكَاعَى فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ. وَالدِّفْلَى كَذِكْرَى: شَجَرٌ أَخْضَرُ مُرٌّ حَسَنُ الْمَنْظَرِ، يَكُونُ فِي الْأَوْدِيَةِ. والشُّكَاعَى كَحُبَارَى وَقَدْ تُفْتَحُ: نَوْعٌ مِنْ دَقِيقِ النَّبَاتِ صَغِيرٌ أَخْضَرُ، دَقِيقُ الْعِيدَانِ يُتَدَاوَى بِهِ. وَالسُّمَانَى: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>