وَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ صَالِحًا ... مَا دَامَ يَنْفَعُكَ الْعَمَلْ
أَمَّا الشَّبَابُ فَقَدْ مَضَى ... وَمَشِيبُ رَأْسِكَ قَدْ نَزَلْ
وَفِي مِثْلِ هَذَا وَنَحْوِهِ الْجَوَابُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ: مَذْهَبُ الصُّوفِيَّةِ بَطَالَةٌ وَجَهَالَةٌ وَضَلَالَةٌ، وَمَا الْإِسْلَامُ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا الرَّقْصُ، وَالتَّوَاجُدُ: فَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ أَصْحَابُ السَّامِرِيِّ لَمَّا اتَّخَذَ لَهُمْ عِجَلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ، قَامُوا يَرْقُصُونَ حَوَالَيْهِ، وَيَتَوَاجَدُونَ، فَهُوَ دِينُ الْكُفَّارِ وَعِبَادَةُ الْعِجْلِ. وَأَمَّا الْقَضِيبُ: فَأَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَهُ الزَّنَادِقَةُ لِيَشْغَلُوا بِهِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَإِنَّمَا كَانَ يَجْلِسُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَصْحَابِهِ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ مِنَ الْوَقَارِ. فَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ وَنُوَّابِهِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ حُضُورِ الْمَسَاجِدِ، وَغَيْرِهَا. وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُمْ، وَلَا أَنْ يُعِينَهُمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ. هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: قَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ «مَرْيَمَ» مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الصُّوفِيَّةِ عَلَى الْحَقِّ. وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ مِنَ الْعَمَلِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِذَلِكَ عَالَجُوا أَمْرَاضَ قُلُوبِهِمْ وَحَرَسُوهَا، وَرَاقَبُوهَا وَعَرَفُوا أَحْوَالَهَا، وَتَكَلَّمُوا عَلَى أَحْوَالِ الْقُلُوبِ كَلَامًا مُفَصَّلًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، كَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، أَوِ ابْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَطِيَّةَ، أَوِ ابْنِ عَسْكَرٍ أَعْنِي أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، وَكَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ حَكَمُ الْأُمَّةِ، وَأَضْرَابِهِمَا، وَكَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ، أَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ، وَأَبِي عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ الرَّازِيِّ، وَالْجُنَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمَنْ سَارَ عَلَى مِنْوَالِهِمْ، لِأَنَّهُمْ عَالَجُوا أَمْرَاضَ أَنْفُسِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يَحِيدُونَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمْ أَشْيَاءٌ تُخَالِفُ الشَّرْعَ. فَالْحُكْمُ بِالضَّلَالِ عَلَى جَمِيعِ الصُّوفِيَّةِ لَا يَنْبَغِي، وَلَا يَصِحُّ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَالْمِيزَانُ الْفَارِقُ بَيْنَ الْحَقِّ، وَالْبَاطِلِ فِي ذَلِكَ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُتَّبِعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَهَدْيِهِ وَسَمْتِهِ، كَمَنْ ذَكَرْنَا وَأَمْثَالِهِمْ، فَإِنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ، وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ بِالضَّلَالِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ الضَّالُّ.
نَعَمْ، صَارَ الْمَعْرُوفُ فِي الْآوِنَةِ الْأَخِيرَةِ، وَأَزْمِنَةٍ كَثِيرَةٍ قَبْلَهَا بِالِاسْتِقْرَاءِ، أَنَّ عَامَّةَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ التَّصَوُّفَ فِي أَقْطَارِ الدُّنْيَا إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ دَجَاجِلَةٌ يَتَظَاهَرُونَ بِالدِّينِ لِيُضِلُّوا الْعَوَامَّ الْجَهَلَةَ وَضِعَافَ الْعُقُولِ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، لِيَتَّخِذُوا بِذَلِكَ أَتْبَاعًا وَخَدَمًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute