وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [٥ \ ٤٧] وَقَالَ تَعَالَى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [٧ \ ٣] وَقَالَ تَعَالَى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [١٦ \ ٨٩] وَقَالَ: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [٢٩ \ ٥١] وَقَالَ: قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي [٣٤ \ ٥٠] فَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ هُدًى لَمْ يَنْحَصِرِ الْهُدَى فِي الْوَحْيِ. وَقَالَ: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [٤ \ ٦٥] فَنَفَى الْإِيمَانَ حَتَّى يُوجَدَ تَحْكِيمُهُ وَحْدَهُ، وَهُوَ تَحْكِيمُهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَتَحْكِيمُ سُنَّتِهِ فَقَطْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [٤٩] أَيْ: لَا تَقُولُوا حَتَّى يَقُولَ. قَالَ نُفَاةُ الْقِيَاسِ: وَالْإِخْبَارُ عَنْهُ بِأَنَّهُ حَرَّمَ مَا سَكَتَ عَنْهُ، أَوْ أَوْجَبَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَكَلَّمَ بِتَحْرِيمِهِ أَوْ إِيجَابِهِ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ: حَرَّمْتُ عَلَيْكُمُ الرِّبَا فِي الْبُرِّ، فَقُلْنَا: وَنَحْنُ نَقِيسُ عَلَى قَوْلِكَ الْبَلُّوطَ، فَهَذَا مَحْضُ التَّقَدُّمِ، قَالُوا: وَقَدْ حَرَّمَ سُبْحَانَهُ أَنْ نَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَا نَعْلَمُ، فَإِذَا قُلْنَا ذَلِكَ فَقَدْ وَاقَعْنَا هَذَا الْمُحَرَّمَ يَقِينًا، فَإِنَّا غَيْرُ عَالِمِينَ بِأَنَّهُ أَرَادَ مِنْ تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَحْرِيمَهُ فِي الْقَدِيدِ مِنَ اللُّحُومِ، وَهَذَا قَفْوٌ مِنَّا مَا لَيْسَ لَنَا بِهِ عِلْمٌ، وَتَعَدٍّ لِمَا حُدَّ لَنَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَالْوَاجِبُ أَنْ نَقِفَ عِنْدَ حُدُودِهِ، وَلَا نَتَجَاوَزُهَا، وَلَا نُقَصِّرَ بِهَا. وَلَا يُقَالُ: فَإِبْطَالُ الْقِيَاسِ وَتَحْرِيمُهُ وَالنَّهْيُ عَنْهُ تَقَدُّمٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَتَحْرِيمٌ لِمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَقَفْوٌ مِنْكُمْ لِمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَخْرَجَنَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِنَا لَا نَعْلَمُ شَيْئًا، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا كِتَابَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولَهُ يُعَلِّمُنَا الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ. فَمَا عَلِمْنَاهُ وَبَيَّنَهُ لَنَا فَهُوَ مِنَ الدِّينِ، وَمَا لَمْ يَعْلِّمْنَاهُ وَلَا بَيَّنَ لَنَا أَنَّهُ مِنَ الدِّينِ فَلَيْسَ مِنَ الدِّينِ ضَرُورَةً، وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الدِّينِ فَهُوَ بَاطِلٌ، فَلَيْسَ بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ. وَقَالَ تَعَالَى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [٥ \ ٣] فَالَّذِي أَكْمَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَبَيَّنَهُ هُوَ دِينُنَا لَا دِينَ لَنَا سِوَاهُ، فَأَيْنَ فِيمَا أَكْمَلَهُ لَنَا، قِيسُوا مَا سَكَتُّ عَنْهُ عَلَى مَا تَكَلَّمْتُ بِإِيجَابِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ أَوْ إِبَاحَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عِلَّةً أَوْ دَلِيلً عِلَّةٍ، أَوْ وَصْفًا شَبِيهًا، فَاسْتَعْمِلُوا ذَلِكَ كُلَّهُ، وَانْسُبُوهُ إِلَيَّ وَإِلَى رَسُولِي وَإِلَى دِينِي، وَأَحْكَمُوا بِهِ عَلَيَّ.
قَالُوا: وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا، وَأَخْبَرَ رَسُولَهُ أَنَّ " الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ " وَنَهَى عَنْهُ، وَمِنْ أَعْظَمِ الظَّنِّ ظَنُّ الْقِيَاسِيِّينَ؛ فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى يَقِينٍ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَرَّمَ بَيْعَ السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ، وَالْحَلْوَى بِالْعِنَبِ، وَالنِّشَا بِالْبُرِّ، وَإِنَّمَا هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute