للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ: النَّاكِحُ يَدَهُ، وَالْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالضَّارِبُ وَالِدَيْهِ، حَتَّى يَسْتَغِيثَا، وَالْمُؤْذِي جِيرَانَهُ حَتَّى يَلْعَنُوهُ، وَالنَّاكِحُ حَلِيلَةَ جَارِهِ» اهـ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَإِسْنَادُهُ فِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ لِجَهَالَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى مِنْهُ. وَلَكِنَّهُ عَلَى ضَعْفِهِ يَشْهَدُ لَهُ فِي نِكَاحِ الْيَدِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فِي الْجُمْلَةِ ; لِدَلَالَتِهِ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِلِاسْتِمْنَاءِ بِالْيَدِ: جَلَدَ عَمِيرَةَ ; لِأَنَّهُمْ يُكَنُّونَ بِعَمِيرَةَ عَنِ الذَّكَرِ.

لَطِيفَةٌ: قَدْ ذُكِرَ فِي نَوَادِرِ الْمُغَفَّلِينَ، أَنَّ مُغَفَّلًا كَانَتْ أُمُّهُ تَمْلِكُ جَارِيَةً تُسَمَّى عَمِيرَةَ فَضَرَبَتْهَا مَرَّةً، فَصَاحَتِ الْجَارِيَةُ، فَسَمِعَ قَوْمٌ صِيَاحَهَا، فَجَاءُوا وَقَالُوا: مَا هَذَا الصِّيَاحُ؟ فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ الْمُغَفَّلُ: لَا بَأْسَ تِلْكَ أُمِّي كَانَتْ تَجْلِدُ عَمِيرَةَ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّا قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى مَنْعِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ ; لِأَنَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - صَرَّحَ فِيهَا بِمَا يُعْلَمُ مِنْهُ، وُجُوبُ حِفْظِ الْفَرْجِ عَنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالسُّرِّيَّةِ، ثُمَّ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُبْتَغِيَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْعَادِينَ بِقَوْلِهِ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُسْتَمْتَعَ بِهَا فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، لَيْسَتْ زَوْجَةً، وَلَا مَمْلُوكَةً. أَمَّا كَوْنُهَا غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِهَا غَيْرَ زَوْجَةٍ، فَهُوَ انْتِفَاءُ لَوَازِمِ الزَّوْجِيَّةِ عَنْهَا كَالْمِيرَاثِ وَالْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّفَقَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَوْ كَانَتْ زَوْجَةً لَوَرِثَتْ وَاعْتَدَّتْ وَوَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، وَوَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ، فَلَمَّا انْتَفَتْ عَنْهَا لَوَازِمُ الزَّوْجِيَّةِ عَلِمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ ; لِأَنَّ نَفْيَ اللَّازِمِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْمَلْزُومِ بِإِجْمَاعِ الْعُقَلَاءِ.

فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ مُبْتَغِيَ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مِنَ الْعَادِينَ الْمُجَاوِزِينَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ إِلَى مَا حَرَّمَ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ بِأَدِلَّةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ مَمْنُوعٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ يَخْفَى عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ مَعْنَى لَفْظَةِ عَلَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ الْآيَةَ ; لِأَنَّ مَادَّةَ الْحِفْظِ، لَا تَتَعَدَّى إِلَى الْمَعْمُولِ الثَّانِي فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ بِعَلَى فَقِيلَ: إِنَّ عَلَى بِمَعْنَى: عَنْ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ حَافِظُونَ فُرُوجَهُمْ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا عَنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَحَفِظَ قَدْ تَتَعَدَّى بِعْنَ.

وَحَاوَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ الْجَوَابَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِعَلَى هُنَا فَقَالَ مَا نَصُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>