للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُسْتَأْذِنِ بِأَنَا، لَا يَجُوزُ لِكَرَاهَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ وَعَدَمِ رِضَاهُ بِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَوْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ أَنَا فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا أَنَا» .

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ قَالَ: قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَا أَنَا» .

وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ «ح» وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ «ح» وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِي حَدِيثِهِمْ كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ انْتَهَى مِنْهُ. وَقَوْلُ جَابِرٍ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَخْفَى مِنْ تَكْرِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَفْظَةَ أَنَا أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَهُ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا أَخْرَجَهُ غَيْرُ الشَّيْخَيْنِ مِنْ بَاقِي الْجَمَاعَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّ الْأَظْهَرَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ أَنَّ الرَّجُلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَى أُمِّهِ وَأُخْتِهِ، وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ الْبَالِغِينَ ; لِأَنَّهُ إِنْ دَخَلَ عَلَى مَنْ ذَكَرَ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ فَقَدْ تَقَعُ عَيْنُهُ عَلَى عَوْرَاتِ مَنْ ذُكِرَ، وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ.

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي شَرْحِهِ لِحَدِيثِ: «إِنَّمَا جُعِلُ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» مَا نَصُّهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُشْرَعُ الِاسْتِئْذَانُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ حَتَّى الْمَحَارِمِ ; لِئَلَّا تَكُونَ مُنْكَشِفَةَ الْعَوْرَةِ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرِدِ عَنْ نَافِعٍ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا بَلَغَ بَعْضُ وَلَدِهِ الْحُلُمَ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ فَقَالَ مَا عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهَا تُرِيدُ أَنْ تَرَاهَا. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ نُذَيْرٍ بِالنُّونِ مُصَغَّرًا: سَأَلَ رَجُلٌ حُذَيْفَةَ: أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا رَأَيْتَ مَا تَكْرَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أُمِّي فَدَخَلَ، وَاتَّبَعْتُهُ فَدَفَعَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: تَدْخُلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ؟ وَمِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ اسْتَأْذِنُ عَلَى أُخْتِي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>