رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ.
وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ وَفِيهِ أَنَّهُ سَلَّمَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا الظُّهْرُ، وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا الْمَغْرِبُ، وَإِعْلَالُ ابْنِ الْقَطَّانِ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ هَذَا بِأَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ وُقُوعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ بِمُدَّةٍ، مَرْدُودٌ بِأَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَحَدِيثُهُ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ وَمَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ لَهُمْ حُكْمُ الْوَصْلِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِبَطْنِ نَخْلٍ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيَّةُ بِصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ هَذِهِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا هِيَ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُمَا، قَدْ دَلَّ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمَا، عَلَى أَنَّهَا هِيَ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَجَزَمَ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّهُمَا صَلَاتَانِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَدْ دَلَّ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ نَخْلٍ هِيَ صَلَاةُ عُسْفَانَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
الْهَيْئَةُ الثَّالِثَةُ: مِنَ الْهَيْئَاتِ الَّتِي اخْتَارَهَا الشَّافِعِيُّ: صَلَاةُ عُسْفَانَ، وَكَيْفِيَّتُهَا كَمَا قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ، صَفٌّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّجُودَ وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ وَقَامُوا، ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُتَقَدِّمُ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّجُودَ وَالصَّفَّ الَّذِي يَلِيهِ، انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمْنَا جَمِيعًا» ، هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ وَهُوَ صَحَابِيٌّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute