وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا الْآيَةَ [٧ \ ١٩٥ - ١٩٧] .
وَفِيهَا الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ شَيْئًا، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ الْآيَةَ [٢٢ \ ٧٣] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَأَمَّا الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَالسَّادِسُ مِنَ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ: أَعْنِي كَوْنَهُمْ لَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا، وَلَا حَيَاةً، وَلَا نُشُورًا. فَقَدْ جَاءَتْ أَيْضًا مُبَيَّنَةً فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [٣٠ \ ٤٠] .
فَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ شُرَكَاءَهُمْ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ، وَمِنْهُ الْحَيَاةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِـ: خَلَقَكُمْ، وَالْمَوْتُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ، وَالنُّشُورُ الْمُعَبَّرُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يُحْيِيكُمْ، وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ نُشُورًا بِقَوْلِهِ: أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ [٢١ \ ٢١] . وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ حَيَاةً وَلَا نُشُورًا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ الْآيَةَ [١٠ \ ٣٤] . وَبَيَّنَ أَنَّهُ وَحْدَهُ الَّذِي بِيَدِهِ الْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا [٣ \ ١٤٥] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا الْآيَةَ [٦٣ \ ١١] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ الْآيَةَ [٣١ \ ٤] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ الْآيَةَ [٢ \ ٢٨] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ الْآيَةَ [٤٠ \ ١١] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ بَيَانِ هَذِهِ الْآيَاتِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنَ الدِّينِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِيهِ أَنَّ الْمَعْنَى: لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ دَفَعَ ضَرَرٍ وَلَا جَلْبَ نَفْعٍ ; كَمَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute