عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْصُرُ فِي الصَّلَاةِ وَيُتِمُّ وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ. قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. اهـ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ دَلْهَمِ بْنِ صَالِحٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو وَكُلُّهُمْ ضَعِيفٌ.
الْخَامِسُ: إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا اقْتَدَى بِمُقِيمٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَلَوْ كَانَ الْقَصْرُ وَاجِبًا حَتْمًا لَمَا جَازَ صَلَاةُ أَرْبَعٍ خَلْفَ الْإِمَامِ.
وَأَجَابَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ صَلَاةِ السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ أَيْ: لِمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ، وَعَنْ قَوْلِ عَمَرَ فِي الْحَدِيثِ: تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَامَّةٌ فِي الْأَجْرِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَلَا يَخْلُو مِنْ تَعَسُّفٍ وَأَجَابَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَنْ حُجَجِ هَؤُلَاءِ قَالُوا: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ [٤ \ ١٠١] فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَمَا قَدَّمْنَا، فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِقَصْرِ الرُّبَاعِيَّةِ، قَالُوا: وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ فِي قَصْرِ الرُّبَاعِيَّةِ فَالتَّعْبِيرُ بِلَفْظِ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [٤ \ ١٠٢] ، لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ كَمَا اعْتَرَفْتُمْ بِنَظِيرِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [٢ \ ١٥٨] لِأَنَّ السَّعْيَ فَرْضٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَعَنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ» بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَبُولِهَا فِي قَوْلِهِ: «فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَلَيْسَ لَنَا عَدَمُ قَبُولِهَا مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَاقْبَلُوهَا» ، وَأَجَابُوا عَنِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ بِأَنَّ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَيْنِ لَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنْهَا وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهَا تَأَوَّلَتْ فِي إِتْمَامِهَا مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَهَا فِي ذَلِكَ رِوَايَةٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ عَنْهَا عُرْوَةُ أَنَّهَا تَأَوَّلَتْ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَيَّمِ فِي «زَادِ الْمَعَادِ» مَا نَصُّهُ: وَسَمِعْتُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ يَقُولُ: هَذَا الْحَدِيثُ كَذِبٌ عَلَى عَائِشَةَ، وَلَمْ تَكُنْ عَائِشَةُ لِتُصَلِّيَ بِخِلَافِ صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ، وَهِيَ تُشَاهِدُهُمْ يَقْصُرُونَ ثُمَّ تُتِمُّ هِيَ وَحْدَهَا بِلَا مُوجِبٍ، كَيْفَ وَهِيَ الْقَائِلَةُ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ فَكَيْفَ يُظَنُّ أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى مَا فَرَضَ اللَّهُ وَتُخَالِفُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ لَمَّا حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا بِذَلِكَ، فَمَا شَأْنُهَا كَانَتْ تُتِمُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute