وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَخَلْقٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِنَّمَا فِيهِ لِينٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الدَّارَقُطْنِيِّ هَذَا أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ فِيهِ، لَكِنْ يُتَّقَى مِنْهُ مَا كَانَ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ. اهـ. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ دُونَ نِيَّتِهَا لَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ، «وَقَدْ أَقَامَ الصَّحَابَةُ بِرَامَهُرْمُزَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَتَضْعِيفُهُ بِعِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّ عِكْرِمَةَ الْمَذْكُورَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ فِي «صَحِيحِهِ» .
وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ فِي «مَسْنَدِهِ» عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «كُنْتُ بِأَذْرَبِيجَانَ لَا أَدْرِي قَالَ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَرَأَيْتُهُمْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ» ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي «التَّلْخِيصِ» : إِنَّ إِسْنَادَهُ صَحِيحٌ. اهـ.
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَسْكَرِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَقْصُرُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيَقْصُرُ بِنِيَّةِ إِقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ.
الْفَرْعُ الْخَامِسُ: إِذَا تَزَوَّجَ الْمُسَافِرُ بِبَلَدٍ أَوْ مَرَّ عَلَى بَلَدٍ فِيهِ زَوْجَتُهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ ; لِأَنَّ الزَّوْجَةَ فِي حُكْمِ الْوَطَنِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِمَا، وَأَحْمَدَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ فِي «مَسْنَدَيْهِمَا» عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى بِأَهْلِ مِنًى أَرْبَعًا وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَمَّا قَدِمْتُ تَأَهَّلْتُ بِهَا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إِذَا تَأَهَّلَ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهَا صَلَاةَ الْمُقِيمِ» .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي «زَادِ الْمَعَادِ» ، بَعْدَ أَنْ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ: وَهَذَا أَحَسَنُ مَا اعْتُذِرَ بِهِ عَنْ عُثْمَانَ، يَعْنِي: فِي مُخَالَفَتِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي مِنًى، وَأَعَلَّ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ عُثْمَانَ هَذَا بِانْقِطَاعِهِ وَأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ عِكْرِمَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: قَالَ أَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ تَيْمِيَّةَ: وَيُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِسَبَبِ الضَّعْفِ، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ ذَكَرَهُ فِي «تَارِيخِهِ» وَلَمْ يَطْعَنْ فِيهِ، وَعَادَتُهُ ذِكْرُ الْجَرْحِ وَالْمَجْرُوحِينَ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَهُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا تَزَوَّجَ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِمَا. اهـ. مِنْهُ بِلَفْظِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute