النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ بَابِ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ» الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ الْإِمَامَانِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي «الْمُسْتَدْرَكِ» ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، فَإِنْ قِيلَ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَحَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ وَكُلُّهُمْ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ، فَالْجَوَابُ: أَنَّهُمْ تُوبِعُوا فِيهِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ.
قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هِيَ مُتَابَعَةٌ حَسَنَةٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، مَعَ أَنَّ بَعْضَ رِوَايَاتِهِ لَيْسَ فِي إِسْنَادِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ بَلْ سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَذْكُورِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ الْمَذْكُورِ، فَتَسْلَمُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مِنَ التَّضْعِيفِ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، وَمِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: إِنَّ الْكَلَامَ فِي إِسْنَادِهِ لَا وَجْهَ لَهُ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَاءَهُ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ:» قُمْ فَصَلِّهْ «، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ» الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ مُحَمَّدٌ: يَعْنِي الْبُخَارِيَّ، حَدِيثُ جَابِرٍ، أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْمَوَاقِيتِ.
قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: يَعْنِي فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ:» صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ «، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلَالًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَذَّنَ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ» . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالْقَائِلُ يَقُولُ: قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ» الْحَدِيثَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، وَالْأَحَادِيثُ فِي الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ، فَقَدْ أَجْمَعَ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ هُوَ زَوَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute