قُلْنَا بِصِحَّةِ عِتْقِهِمْ، وَعِتْقُ الْمُدَبِّرِ وَالْخَصِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا ; لِكَمَالِ الْعِتْقِ فِيهِمْ. وَلَا يُجْزِئُ عِتْقُ الْمَغْصُوبَ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ مَنَافِعِهِ، وَلَا غَائِبَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً لَا يُعْلَمُ خَبَرُهُ ; لِأَنَّهُ لَا تُعْلَمُ حَيَاتُهُ فَلَا تُعْلَمُ صِحَّةُ عِتْقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ أَجْزَأَ عِتْقُهُ ; لِأَنَّهُ عِتْقٌ صَحِيحٌ.
وَلَا يُجْزِئُ عِتْقُ الْحَمْلِ ; لِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ أَحْكَامُ الدُّنْيَا، وَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبْ فِطْرَتُهُ، وَلَا يُتَيَقَّنُ أَيْضًا وُجُودُهُ وَحَيَاتُهُ. وَلَا عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ ; لِأَنَّ عِتْقَهَا مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْكَفَّارَةِ، وَالْمِلْكُ فِيهَا غَيْرُ كَامِلٍ، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا.
وَقَالَ طَاوُسٌ وَالْبَتِّيُّ: يُجْزِئُ عِتْقُهَا ; لِأَنَّهُ عِتْقٌ صَحِيحٌ. وَلَا يُجْزِئُ عِتْقُ مَكَاتِبٍ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا، انْتَهَى مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ «الْمُغْنِي» . وَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ غَالِبَ مَا فِي مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: اشْتِرَاطُ الْإِيمَانِ فِي رَقَبَةِ الظِّهَارِ، وَاشْتِرَاطُ سَلَامَتِهَا مِنَ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ عِتْقُ جَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ عَتَقَ مِنْ غَيْرِ إِجْزَاءٍ عَنِ الْكَفَّارَةِ.
وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ مَقْطُوعُ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ، أَوِ الْإِصْبَعَيْنِ، أَوِ الْأَصَابِعِ، أَوِ الْإِبْهَامِ، أَوِ الْأُذُنَيْنِ، أَوْ أَشَلُّ، أَوْ أَجْذَمُ، أَوْ أَبْرَصُ، أَوْ أَصَمُّ، أَوْ مَجْنُونٌ وَإِنْ أَفَاقَ أَحْيَانًا، وَلَا أَخْرَسُ، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدٌ، وَلَا مَفْلُوجٌ، وَلَا يَابِسُ الشِّقِّ، وَلَا غَائِبٌ مُنْقَطِعٌ خَبَرُهُ، وَلَا الْمَرِيضُ مَرَضًا يُشْرِفُ بِهِ عَلَى الْمَوْتِ، وَلَا الْهَرِمُ هَرَمًا شَدِيدًا، وَلَا الْأَعْرَجُ عَرَجًا شَدِيدًا، وَلَا رَقِيقٌ مُشْتَرًى بِشَرْطِ الْعِتْقِ لِمَا يُوضَعُ مِنْ ثَمَنِهِ فِي مُقَابَلَةِ شَرْطِ الْعِتْقِ، وَلَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ كَأَبِيهِ، وَلَا عَبْدٌ قَالَ: إِنِ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَلَوْ قَالَ: إِنِ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، فَفِيهِ لَهُمْ تَأْوِيلَانِ بِالْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ.
وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ الْمُدَبَّرُ، وَلَا الْمَكَاتَبُ، وَلَوْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، ثُمَّ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لَمْ يُجْزِهْ عَنْ ظِهَارِهِ عِنْدَهُ ; لِأَنَّ عِتْقَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ وَجَبَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ سِرَايَةِ الْمُعْتَقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ نِصْفَهُ عَنْ ظِهَارِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَى نِصْفَهُ الْآخَرَ فَأَعْتَقَهُ تَكْمِيلًا لِرَقَبَةِ الظِّهَارِ، لَمْ يُجْزِهْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ لِتَبْعِيضِ الْعِتْقِ إِنْ كَانَتْ مُعْسِرًا وَقْتَ عِتْقِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ عِتْقَ النِّصْفِ الْبَاقِي يَلْزَمُهُ بِالْحُكْمِ، إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ عِتْقِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute