للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ يَعْنِي الْمُظَاهِرَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا.

وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ الْمُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُوتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ: «خُذْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ» . وَإِذَا ثَبَتَ فِي الْمُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ بِالْخَبَرِ ثَبَتَ فِي الْمُظَاهِرِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ إِطْعَامٌ وَاجِبٌ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْمُخَرَّجِ، كَالْفِطْرَةِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى. وَقَالَ مَالِكٌ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ، وَمِمَّنْ قَالَ مُدَّانِ مِنْ قَمْحٍ: مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ ; لِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى صِيَامٍ وَإِطْعَامٍ، فَكَانَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ كَفِدْيَةِ الْأَذَى. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: مِنَ الْقَمْحِ مُدَّانِ، وَمِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ صَاعٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ» .

رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ، وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا، وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ خُوَيْلَةَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ» . وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: وَالْعَرَقُ سِتُّونَ صَاعًا. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَفَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ النَّاسَ «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَنِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ» .

وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَطْعِمْ عَنِّي صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَلِأَنَّهُ إِطْعَامٌ لِلْمَسَاكِينِ، فَكَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ.

وَلَنَا مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي بَيَاضَةَ بِنِصْفِ وَسْقِ شَعِيرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُظَاهِرِ: «أَطْعِمْ هَذَا فَإِنَّ مُدَّيْ شَعِيرٍ مَكَانَ مُدِّ بُرٍّ» ، وَهَذَا نَصٌّ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُدُّ بُرٍّ أَنَّهُ قَوْلُ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا، فَكَانَ إِجْمَاعًا.

وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نِصْفُ صَاعٍ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، مَا رَوَى عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِخَوْلَةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ: «اذْهَبِي إِلَى فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَإِنَّ عِنْدَهُ شَطْرَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، فَلْتَأْخُذِيهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>