للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ [٤٣ \ ٤٤] أَيْ شَرَفٌ لَكُمْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الذِّكْرَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّذْكِيرِ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ فِيهِ التَّذْكِيرُ وَالْمَوَاعِظُ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

تَنْبِيهٌ

اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ الشَّيْءِ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ مَذْكُورٌ، وَالَّذِينَ قَالُوا إِنَّهُ مَذْكُورٌ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِهِ، وَأَقْوَالُهُمْ فِي ذَلِكَ كُلُّهَا ظَاهِرَةُ السُّقُوطِ.

فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [٣٨ \ ٦٤] .

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ قَوْلُهُ: إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ [٣٨ \ ٥٤] .

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ [٣٨ \ ١٤] كَقَوْلِهِ: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ. وَقَوْلِهِ: وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [٨٦ \ ١ - ٤] .

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ قَوْلُهُ: كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ، وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ: إِنِ الْأَصْلَ لَكَمْ أَهْلَكْنَا وَلَمَّا طَالَ الْكَلَامُ، حُذِفَتْ لَامُ الْقَسَمِ، فَقَالَ: كَمْ أَهْلَكْنَا بِدُونِ لَامٍ.

قَالُوا: وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [٩١ \ ١] لَمَّا طَالَ الْكَلَامُ بَيْنَ الْقَسَمِ وَالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ، الَّذِي هُوَ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، حُذِفَتْ مِنْهُ لَامُ الْقَسَمِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ: ص قَالُوا مَعْنَى ص صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ وَالْقُرْآنِ ذِي الذَّكَرِ. وَعَلَى هَذَا فَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ هُوَ صِدْقُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْمَعْنَى: هَذِهِ ص أَيِ السُّورَةِ الَّتِي أَعْجَزَتِ الْعَرَبَ، وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي لَا يَخْفَى سُقُوطُهَا.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهِ، فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>