للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُدْرَكُ بِهِ الْعَصْرُ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَامَّةُ التَّابِعِينَ يَقُولُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ إِلَّا الْحَسَنَ وَحْدَهُ، قَالَ: لَا تَجِبْ إِلَّا الصَّلَاةُ الَّتِي طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا وَحْدَهَا، إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَنَا مَا رَوَى الْأَثْرَمُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا بِإِسْنَادِهِمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ: تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، فَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ; وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتُ الْأُولَى حَالَ الْعُذْرِ فَإِذَا أَدْرَكَهُ الْمَعْذُورُ لَزِمَهُ فَرْضُهَا كَمَا يَلْزَمُهُ فَرْضُ الثَّانِيَةِ، اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ مَعَ حَذْفٍ يَسِيرٍ، وَهُوَ تَصْرِيحٌ مِنْ هَذَا الْعَالِمِ الْجَلِيلِ الْحَنْبَلِيِّ بِامْتِدَادِ وَقْتِ الضَّرُورَةِ لِلْمَغْرِبِ إِلَى الْفَجْرِ، وَلِلظُّهْرِ إِلَى الْغُرُوبِ كَقَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا أَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ.

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ فِي بَيَانِ أَوَّلِ وَقْتِ الْعِشَاءِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ.

وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَالْأَحَادِيثُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَهُوَ أَمْرٌ لَا نِزَاعَ فِيهِ.

فَإِذَا عَلِمْتَ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ هُوَ مَغِيبُ الشَّفَقِ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الشَّفَقِ، فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هُوَ الْحُمْرَةُ، وَهُوَ الْحَقُّ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي بَعْدَ الْحُمْرَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْحُمْرَةُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ فَإِذَا غَابَ الشَّفَقُ وَجَبَتِ الصَّلَاةُ ".

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " الْغَرَائِبِ ": هُوَ غَرِيبٌ وَكُلُّ رُوَاتِهِ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: " وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِلَى أَنْ تَذْهَبَ حُمْرَةُ الشَّفَقِ " الْحَدِيثَ.

قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَغْنَتْ عَنْ غَيْرِهَا مِنَ الرِّوَايَاتِ، لَكِنْ تَفَرَّدَ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>